النهار
جريدة النهار المصرية

منوعات

سباحو بورسعيد يعلقون البطولات احتجاجا بعد مأساة وفاة يوسف.. وخبراء يحذرون من الغرق الصامت

السباح يوسف
منة نور -
في مشهد غير مسبوق داخل الوسط الرياضي، تحولت أحواض السباحة من ساحات منافسة إلى ساحات غضب واحتجاج، بعدما أطلق عشرات السباحين، وعلى رأسهم ناشئو محافظة بورسعيد، حملة واسعة لمقاطعة بطولات السباحة تحت شعار «لحد ما حق يوسف يرجع»، تضامنا مع السباح الراحل يوسف محمد عبد الملك، الذي لقي مصرعه غرقا داخل حمام سباحة استاد القاهرة خلال مشاركته في بطولة الجمهورية.
وفي هذا السياق، تواصلت جريدة النهار المصرية مع عدد من السباحين المقاطعين للوقوف على أسباب موقفهم، حيث أكدوا أن المقاطعة جاءت كرسالة احتجاج واضحة على ما وصفوه بالإهمال الجسيم، ومطالبة بكشف الحقيقة كاملة ومحاسبة المسؤولين عن الواقعة، حفاظا على أرواح اللاعبين ومنعا لتكرار المأساة داخل البطولات الرسمية.
كما تواصلت الجريدة مع عدد من الخبراء لمعرفة أسباب الواقعة، والتعرف على ما يعرف بـ«الإغماء المميت ضمن أحواض السباحة»، وكيفية تفادي مثل هذه الحوادث مستقبلا.
وفي هذا السياق قالت السباحة حنين محمد في تصريحات خاصة لجريدة النهار المصرية، إنها قررت مقاطعة جميع بطولات السباحة لحين عودة حق السباح الراحل يوسف عبد الملك، مؤكدة أن ما حدث لا يمكن اعتباره حادثا عابرا، بل واقعة تستوجب المحاسبة والمساءلة.
وأضافت: «يوسف كان طفل وبطل وداخل بطولة رسمية، وأقل حقه علينا إننا نوقف ونطالب بحقه».
ومن جهته أكد السباح أحمد هاني في تصريحات خاصة لـ«النهار المصرية» أنه أوقف مشاركته في جميع البطولات بشكل كامل، تضامنا مع أسرة يوسف عبد الملك، مشددا على أن قرار المقاطعة جاء بعد صدمة كبيرة في الوسط الرياضي. وقال: «اللي حصل هز كل سباح، لأن أي واحد فينا كان ممكن يكون مكان يوسف».
ومن جانبها أعلنت السباحة بسملة محمود، في تصريحات خاصة لـ«النهار»، مقاطعتها الكاملة للسباحة والبطولات، مؤكدة أن وفاة يوسف عبد الملك تركت أثرا نفسيا كبيرا داخل الوسط الرياضي قائلة: «يوسف كان طفل فرحان بفوزه، وبعدها بلحظات مات، المشهد ده مستحيل ننساه».
وأضافت بسملة أن التضامن مع يوسف واجب أخلاقي قبل أن يكون رياضيا، مشيرة إلى أن عودة البطولات دون محاسبة تعني الاستهانة بأرواح اللاعبين.
وأكدت: «مش هنشارك في أي سباق غير لما نعرف مين أخطأ ويتحاسب».
ومن جهته أكد السباح إبراهيم الصاوي، أن سباحي بورسعيد اتفقوا على موقف واحد بعد وفاة يوسف عبد الملك، وهو المقاطعة التامة للبطولات. وقال: «إحنا مش مختلفين، كلنا متفقين إن حق يوسف لازم يرجع».
وأضاف إبراهيم أن الاستمرار في البطولات دون محاسبة يُعد تجاهلًا لدم طفل بريء.
واختتم تصريحاته: «موقفنا واضح، ومش هنرجع غير لما نشوف إجراءات تحمي أي سباح بعد كده».
و في هذا الصدد حمل خبير اللوائح الرياضية طلال عبداللطيف، ثلاث جهات رياضية مسؤولية ما وصفه بالواقعة المؤلمة التي انتهت بوفاة السباح الصغير يوسف محمد، مؤكدا أن الحادث كشف عن خلل واضح في منظومة التأمين والرقابة داخل بطولات السباحة، خاصة بطولات المراحل السنية الصغيرة.
وأوضح عبداللطيف في تصريحات خاصة لجريدة النهار المصرية أن الطفل، لاعب نادي الزهور، تعرض لوعكة مفاجئة داخل حمام السباحة أثناء مشاركته في بطولة الجمهورية للسباحة تحت 12 سنة، المقامة داخل ستاد القاهرة، دون أن يتم التعامل مع الموقف بالسرعة المطلوبة، ما أدى إلى تفاقم حالته الصحية ووفاته لاحقا داخل المستشفى.
وأشار إلى أن نادي الزهور يتحمل جزءا من المسؤولية، بسبب القصور في المتابعة الفنية، لافتا إلى أن المدرب كان مطالبا بمراقبة اللاعب بدقة عقب انتهاء السباق، والتأكد من خروجه الآمن من المياه، وهو ما لم يتم بالشكل المطلوب، إلى جانب غياب الدور الرقابي لإدارة الفريق.
وفي ظل تساؤلات واسعة حول الأسباب الطبية لما يحدث للجسم في مثل هذه اللحظات الحرجة، أوضح الدكتور إبراهيم المنشاوي، المتخصص في التغذية واللياقة البدنية، عددا من الحقائق العلمية المهمة التي يجب التوقف عندها لتفادي تكرار مثل هذه الوقائع المؤلمة.
وأكد المنشاوي في تصريحات خاصة لجريدة النهار المصرية أن فقدان الوعي لا يمكن اعتباره إرهاقا عاديا أو دوخة ناتجة عن المجهود، موضحا أن الإغماء يحدث نتيجة انخفاض مفاجئ في تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغ، ما يؤدي إلى توقف مؤقت لوظائفه، وهو وضع بالغ الخطورة عند حدوثه داخل الماء.
وأشار إلى أن أحد أكثر الأسباب شيوعا بين السباحين بعد انتهاء السباقات مباشرة هو ما يعرف بـ"هبوط الضغط المفاجئ"، حيث ينتقل الجسم بسرعة من الوضع الأفقي داخل المياه إلى الوقوف، فتتجه الدورة الدموية نحو الأطراف السفلية، ويقل الإمداد الدموي للدماغ، ما قد يؤدي إلى فقدان الوعي.
وأوضح المتخصص أن نقص السوائل داخل الجسم يقلل من حجم الدم، ويضعف قدرته على الوصول إلى الدماغ بالكفاءة المطلوبة، لافتا إلى أن انخفاض مستوى الأملاح، وعلى رأسها الصوديوم، يؤثر سلبا على الإشارات العصبية، ويزيد من احتمالات السقوط المفاجئ والإغماء أثناء أو بعد المجهود البدني العنيف.
وحذر المنشاوي من ظاهرة خطيرة تُعرف باسم "الغرق الصامت"، وهي حالة يفقد فيها السباح وعيه دون إنذارات واضحة، وغالبا ما تحدث نتيجة المبالغة في التنفس السريع قبل النزول تحت الماء، ما يؤخر إحساس الجسم بالحاجة إلى الأكسجين، ويفاجئ السباح بفقدان الوعي داخل الحوض.
ونصح المنشاوي بضرورة الالتزام بنظام غذائي مناسب قبل السباقات، يعتمد على الكربوهيدرات المعقدة قبل المنافسة بساعات، مع تناول كميات مدروسة من السكريات السريعة قبل السباق بوقت قصير، إلى جانب تعويض السوائل والأملاح بعد الانتهاء مباشرة.