مكتبة الإسكندرية تحتفي بمئوية المفكر الكبير مراد وهبة

نظمت مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المجلس العربي للطفولة والتنمية، اليوم، ندوة بعنوان "مئوية المفكر مراد وهبة.. الصوت الحاضر"، بحضور كل من الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور حسن البيلاوي؛ أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية، والدكتور مجدي مراد وهبة؛ أستاذ الهندسة الإنشائية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، والأستاذ حلمي النمنم؛ وزير الثقافة الأسبق، والشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي إلي جانب نخبة من المثقفين وأساتذة الفلسفة.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد الأستاذ الدكتور أحمد زايد أن العقل هو صانع الحضارة وهو مركز الكون، مشيراً إلى أن التنوير يمثل الأساس الحقيقي لنهضة المجتمعات. وقال إن قوة التنوير في المجتمع انطلقت من المقولة الشهيرة للفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت" أنا أفكر إذن أنا موجود"، ومؤكداً ضرورة الاهتمام بالأجيال القادمة وتعليمهم على أسس علمية وعقلانية من أجل مستقبل أفضل.

من جانبه، تحدث الأستاذ الدكتور حسن البيلاوي؛ عن فكر مراد وهبة وإسهاماته الفكرية التي اتسمت بالجرأة والمكاشفة والتحليل العقلاني مؤكداً أن الاهتمام بعقول الأطفال يمثل حجر الأساس لبناء مجتمع جديد، في ضوء شعار المجلس العربي للطفولة والتنمية " عقل جديد...في مجتمع جديد" وأكد إننا نحتاج إلى شجاعة إعمال العقل من أجل معركة الوجود والتقدم.

وقال الشاعر عبد المعطي حجازي إن مراد وهبة ناضل من أجل نصرة العقل وبناء مدينة فاضلة تحتكم للعقل لا للشهوة كالتي كان يتمناها ابن رشد. وأن الفلسفة بالنسبة لوهبة كانت رسالة من أجل التقدم والإنسانية.
بدوره، استعرض مجدي مراد وهبه مسيرة والده الفكرية، مؤكداً أنه ظاهرة استثنائية وفيلسوفاً حقيقياً، انشغل بقضايا العلمانية وإحياء فكر ابن رشد. كما تناول أبرز مؤلفاته، ومنها "ملاك الحقيقة المطلقة" وكتاب "رباعية الديموقراطية" الذي طرح فيه مراد وهبه مكونات الديموقراطية من وجهة نظره حيث يعتبر العلمانية هي المكون الرئيسي لها بالإضافة إلى الليبرالية التي تعتبر المكون النهائي وبينهما التنوير والعقد الاجتماعي وقال ان مراد وهبه يعد أيقونة التنوير في العالم العربي. وانه اهتم بالإبداع في العملية التعليمية وقال ان "المعجم الفلسفي " هو أعظم ما كتب مراد وهبة ويعد من أهم المعاجم الفلسفية الحديثة في العالم العربي ويشمل المفاهيم الفلسفية، مع شرح لأهم الفلاسفة وأفكارهم الأساسية وربطها بالتطورات الفكرية عبر العصور.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية قرأ الدكتور سامح فوزي كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية، والمشرف على مشروع ذاكرة مصر، رسالة من الدكتور مصطفي الفقي، مشاركاً منه في الاحتفال بمئوية مراد وهبه، شكر فيها الدور الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية بتكريم المفكرين في مصر والعالم العربي وقال إنها المنارة المضيئة ومركز الإشعاع لأبنائها وقدم تحية تقدير للدكتور مراد الذي لقبه بابن رشد المعاصر وقال انه مفكر مبدع وفيلسوف رصين.

وفي الجلسة الأولى التي أدارها الأستاذ حلمي النمنم، تحدث الدكتور حسن البيلاوي عن فكر الفيلسوف مراد وهبة والفرق بين ثقافة الذاكرة من (النقل والحفظ والتلقين) وثقافة الإبداع (إدراك علاقات جديدة) وأكد أن التغيير والتغير هم الأساس الفكري عند مراد. وقال ان تغيير الواقع يكون بالعقل المبدع ويتم ذلك من خلال اكتشاف التناقضات التي تجعلنا نتجاوز الواقع للوصول إلى ما هو جديد وهذا هو دور المبدع.
واستعرض الأستاذ الدكتور عصام عبد الفتاح؛ أستاذ فلسفة اللغة والأدب الفرنسي بجامعة حلوان، علاقته بالفلسفة وكيف تطورت علاقته بالدكتور مراد وتكلم عن الخطاب الفلسفي والفروق بين المذاهب المغلقة والمفتوحة وتكلم عن الإدراك والإبداع والأصولية ورحله ابن رشد وضرورة تطوير العقل.
وفي كلمته تحدث القس رفعت فكري، راعي الكنيسة الإنجيلية بروض الفرج، والأمين العام المشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط، عن مفهوم التنوير والتسامح والحرية العقلية التي تعتبر ضرورة وجودية. وأكد على ضرورة البحث عن الحقيقة المطلقة وان الفلسفة هي حركة دائمة نحو الحقيقة. وقال ان تكريم مراد وهبه هو تكريم لفيلسوف ضمير العقل النقدي وإحياء لحرية التفكير.

وأضاف الأستاذ الدكتور عبده كساب، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة الزقازيق، أنه تربطه علاقة فكرية وإنسانية طويلة بالمفكر مراد وهبة، مستعرضًا سيرته الذاتية ومسار تطور أفكاره، ومتوقفًا عند مفهوم العلمانية وتصحيح ما يلتبس حوله، ومشيرًا إلى أن فكر مراد وهبة مر بعدة مراحل، لا سيما مرحلة التأسيس الممتدة من عام 1936 حتى 1973، والتي تشكّلت لديه خلالها الروح الليبرالية وحرية النق

وشهدت الندوة عرض فيلم تسجيلي عن الدكتور مراد وهبة من إعداد إدارة الاستديو التلفزيوني بمكتبة الإسكندرية. واختُتمت الجلسة بكلمة للفنان محمود حميدة، أكد خلالها أهمية اطلاع الشباب على مقالات مراد وهبة المنشورة في جريدة الأهرام، لما تحمله من فكر يخاطب مختلف التخصصات، مشددًا على أن الإنسان كائن مستقبلي يجب أن يتطلع دائمًا إلى الأمام.