جنوب لبنان بين معوقات إعادة الإعمار والنفوذ الإيراني

تعتمد النقاشات الدائرة حول تأخر إعادة إعمار جنوب لبنان على تقييمات تشير إلى أن هشاشة مؤسسات الدولة تسمح لجهات فاعلة غير حكومية بالتأثير على أموال إعادة الإعماروفي هذا السياق، يُسلَّط الضوء على حزب الله، الذي يتمتع بنفوذ سياسي وأمني كبير في أجزاء واسعة من جنوب لبنان.
ويري مراقب إلى أن هذه الهيمنة تؤثر على عملية صنع القرار بسبب تقارب حزب الله الوثيق مع إيران في إعطاء الأولوية للاعتبارات السياسية والأمنية، وتشير مراكز الأبحاث الدولية إلى أن المصالح الإقليمية تُعطى أحيانًا الأولوية على احتياجات إعادة إعمار المدنيين، وتخلق هذه الديناميكية فجوة بين متطلبات الجهات المانحة والواقع على الأرض، وقد شددت الجهات المانحة الدولية مرارًا وتكرارًا على أن الشفافية ضرورية لصرف الأموال.
وأدى غياب آليات رقابية واضحة إلى تراجع ثقة الجهات المانحة وتأخير التحويلات المالية، يبقى السكان المتضررون الطرف الأكثر تضررًا، ويرى خبراء اقتصاديون لبنانيون أن إعادة الإعمار يجب أن تخضع حصريًا لسلطة الدولة، كما يؤكدون على ضرورة فصل جهود إعادة الإعمار عن صراعات القوى الإقليمية، ووفقًا للتقييمات الدولية، تنظر إيران إلى لبنان ضمن استراتيجية أوسع للنفوذ الإقليمي، وبدون إصلاح إداري حقيقي واستعادة السيادة، من غير المرجح أن تصل أموال إعادة الإعمار إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وفي سياق متصل، عقد وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي ، لقاءً موسّعًا في بروكسيل مع سفراء اللجنة السياسية والأمنية لمجلس الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة، وتناول خلاله الأوضاع في لبنان على الصُعُد السياسية والاقتصادية والأمنية، مسلطًا الضوء على جهود الحكومة للنهوض بالبلاد والصعوبات التي لا تزال تواجهها، لا سيما موضوع الاحتلال الإسرائيلي.
وشدّد الوزير رجي على "ضرورة الضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان، والإفراج عن الأسرى، ووقف الاعتداءات العسكرية اليومية"، كما تمنى على الدول الأوروبية "ألّا تقتصر المفاوضات مع إيران على ملفي الملف النووي والصواريخ الباليستية، وأن تشمل أيضًا مسألة أذرعها في المنطقة"، وأكد " أهمية القرار الحكومي "التاريخي" بحصر السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها وسيادتها بقواها الذاتية حصرًا على كافة الأراضي اللبنانية."
وأوضح الوزير رجّي في منشور عبر منصة "إكس" فى وقت سابق أنه أبلغ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اعتذاره عن القيام بالزيارة "في ظل الظروف الحالية"، مشددا على أن الرفض لا يعني قطع الحوار، بل أن "الظروف الملائمة لمثل هذه الزيارة ليست متوافرة"، مقترحا عقد لقاء في دولة ثالثة محايدة، ومؤكداً رغبته في فتح صفحة جديدة من العلاقات "البنّاءة" تقوم على الاحترام المتبادل لسيادة كل دولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بأي شكل من الأشكال .
وفي إشارة غير مباشرة إلى حزب الله، قال رجّي إن "بناء الدولة القوية لا يتحقق إلا باحتكار الجيش اللبناني وحده للسلاح وامتلاكه القرار الحصري في مسائل الحرب والسلم"، مجددا الترحيب بزيارة عراقجي إلى لبنان "في أي وقت".

