مصر تخطط لسداد 2.5 مليار دولار متأخرات لشركات البترول الأجنبية في 2026

في 2025، تسعى مصر لسداد مستحقات شركات البترول الأجنبية المتراكمة منذ سنوات، في خطوة تهدف لتعزيز الشفافية وجذب الاستثمارات، لكنها تحمل في طياتها تحديات مرتبطة بزيادة الاعتماد على القروض ومخاطر التضخم.
بحسب بيانات وزارة البترول، بلغت المستحقات المتأخرة للشركاء الأجانب (إيني، أباتشي، شل، بي بي) نحو 2.5 مليار دولار في يناير 2025، نتيجة نقص الاحتياطي النقدي الأجنبي (35 مليار دولار في 2024) وارتفاع فاتورة استيراد الوقود إلى 20 مليار دولار. ووفق خطة السداد التي أعلنها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في 30 نوفمبر 2025، تستهدف الحكومة تسديد 20% من المتأخرات (500 مليون دولار) خلال المراحل الأولى، ضمن خطة إجمالية لسداد 1.4 مليار دولار قبل نهاية العام.
حتى ديسمبر 2025، كانت الحكومة قد سددت 500 مليون دولار في سبتمبر، و220 مليون دولار في نوفمبر، ومن المقرر سداد 400 مليون دولار إضافية في ديسمبر، على أن يتم تسديد نحو 350 مليون دولار في الربع الأول من 2026. وبهذه الخطوات، من المتوقع أن تنخفض المستحقات إلى حوالي 1.1 مليار دولار بحلول ديسمبر 2025، مع هدف الوصول إلى صفر بحلول الربع الأول من 2026، مدعومة بتصدير 20 شحنة LNG بقيمة 810 ملايين دولار.
من جانب آخر، كشف الجهاز المركزي للمحاسبات عن مخالفات بلغت قيمتها 95 مليون جنيه في 28 شركة بترولية، بما فيها "جاسكو" و"غاز مصر"، بالإضافة لضبط تهريب 524 ألف لتر سولار وغرامات بقيمة 16 مليون جنيه. هذه الخسائر ساهمت في تراكم الديون على الشركاء الأجانب، بينما أدى سداد المستحقات إلى توقيع 21 اتفاقية جديدة باستثمارات 1.1 مليار دولار وزيادة إنتاج حقل زهور بنسبة 18%. ومع ذلك، حذر خبراء من استمرار الفساد في التوزيع إذا لم يُطبق التسعير التلقائي كليًا بحلول 2026.
تظهر النتائج الإيجابية على صعيد جذب الاستثمارات، حيث أدى انخفاض المستحقات بنسبة 20% إلى جذب نحو 340 مليون دولار استثمارات إضافية في المتوسط الشرقي، وزيادة الإنتاج إلى 565 ألف برميل يوميًا (نمو 10%)، وتقليل الدين الخارجي بنحو 4 مليارات دولار خلال عامين (إلى 161 مليار دولار). بالمقابل، تم تمويل السداد عبر قرض أوروبي بقيمة 4 مليارات يورو، مما رفع نسبة الفوائد إلى 73% من الإيرادات وزاد العجز إلى 7.4% من الناتج المحلي، وخلق دورة ديون جديدة، حيث يُعاد تمويل الديون القديمة بديون جديدة، مع مخاطر تضخم تصل إلى 20% إذا ارتفعت أسعار الوقود.
خطوة سداد الديون تعزز الشفافية وتجذب الاستثمارات، لكنها مرتبطة بمخاطر مالية كبيرة على المدى القصير، بما في ذلك الاعتماد على القروض والدورة المستمرة للديون، ما يجعل استمرار نجاح القطاع البترولي مرتبطًا بتوازن السياسة المالية، التسعير التلقائي، ومراقبة الفساد.
من جانب آخر، قال حسن نصر، رئيس شعبة المواد البترولية بالغرفة التجارية، إن الآليات القديمة المتبعة في إدارة ملف التسويات المالية كانت سببًا رئيسيًا في تأخر سداد مستحقات بعض الشركاء الأجانب في فترات سابقة، وهو ما انعكس على حجم الاستثمارات ومعدلات تنفيذ بعض الخطط التشغيلية.
وأضاف نصر في تصريحات خاصة لـ"النهار"، أن الآليات الجديدة التي تم اعتمادها مؤخرًا، وفق توجيهات المهندس كريم بدوي وزير البترول، أسهمت في تسريع وتيرة سداد المديونيات، ورفع كفاءة إدارة التدفقات المالية، الأمر الذي دفع عددًا من الشركات العالمية للتوسع في السوق المصرية خلال الأشهر الماضية، وهو ما ظهر بوضوح في الاتفاقيات الأخيرة للبحث والاستكشاف.
وأكد رئيس شعبة المواد البترولية أن قطاع الطاقة سيشهد طفرة كبيرة خلال الفترة المقبلة، بفضل الإصلاحات المالية والتنظيمية وتطوير منظومة التعاقدات، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك إمكانات حقيقية للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة في المنطقة.

