النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

هل تنجح «قمة المصير» بلندن في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟

رئيس أوكرانيا
كريم عزيز -

يستضيف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قمة طارئة تجمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع القادة الأوروبيين الأبرز، في محاولة يائسة لإنقاذ كييف من الانصياع لتسوية أمريكية-روسية قد تفرض عليها شروطًا مجحفة، ويلتقي ستارمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرز إلى جانب زيلينسكي، بحسب صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، والهدف المُعلن هو توحيد الموقف الأوروبي-الأوكراني قبل أي مفاوضات مع واشنطن، في وقت يتصاعد فيه الضغط الأمريكي على كييف لقبول تسوية سريعة مع موسكو.

وكشفت الصحيفة البريطانية أن مسؤولًا في قصر الإليزيه وصف الاجتماع بأنه يهدف إلى الحفاظ على تماسك أوكرانيا في لحظة صعبة، مشيرًا إلى ضرورة توحيد موقف صلب يسمح بالتقارب مع الأمريكيين على أساس متين، مضيفاً أنه من المهم أن يسمع الأمريكيون من الأوكرانيين ما هو ممكن وما هو غير ممكن، وتأتي هذه القمة بعد أيام من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي اتهم فيها زيلينسكي بعرقلة صفقة السلام وعدم قراءة الخطة الأمريكية الأخيرة، وفقًا لـ«فاينانشال تايمز».

كما أثارت إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية المنشورة حديثًا غضب الأوروبيين بعد أن اتهمت مسؤولين أوروبيين بإعاقة اتفاق السلام، واعتبرت أن إنهاء القتال بشكل عاجل وإعادة الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا يمثل مصلحة جوهرية لواشنطن، وكشفت «فاينانشال تايمز» تفاصيل عن المفاوضات الجارية خلف الكواليس، إذ عقد زيلينسكي محادثة هاتفية طويلة وموضوعية مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر ترامب، إلى جانب كبير المفاوضين الأوكرانيين رستم عميروف ورئيس الأركان العامة أندري هناتوف، وذلك بعد لقائهم في ميامي.

اللافت أن لقاء ميامي جاء مباشرة بعد جلسة استمرت خمس ساعات كاملة جمعت ويتكوف وكوشنر بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل الكرملين لمناقشة بنود خطة السلام الأمريكية المعدلة، وقال زيلينسكي في خطابه التلفزيوني المسائي إنه اتفق مع الجانب الأمريكي على الخطوات التالية وأشكال المحادثات، مؤكدًا أنه سيتلقى معلومات تفصيلية عن كل ما دار في موسكو عند لقائه بمفاوضيه.

أضاف زيلينسكي: «نبدأ أسبوعًا دبلوماسيًا جديدًا.. ستكون هناك مشاورات مع القادة الأوروبيين حول القضايا الأمنية ودعم صمودنا وحزم دعم دفاعنا، وبالطبع سنتحدث عن رؤية مشتركة ومواقف موحدة في المفاوضات»، مؤكداً أن الممثلين الأمريكيين يعرفون المواقف الأوكرانية الأساسية، وكانت المحادثة بنَّاءة لكنها ليست سهلة.

في سياق متصل، نقلت «فاينانشال تايمز» أن ميرز سيطلع نظراءه على معارضة بلجيكا لخطط الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأصول الروسية السيادية المجمدة في أوروبا، بعد لقائه برئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر. وتهدف المبادرة الأوروبية، التي عرضت بريطانيا الانضمام إليها والمقرر مناقشتها في قمة الاتحاد الأوروبي يومي 18-19 ديسمبر، إلى استخدام هذه الأصول لتأمين قرض ضخم لأوكرانيا يغطي احتياجاتها العسكرية والموازنية.

اكتسبت الجهود الأوروبية لاستغلال الأصول الروسية أهمية قصوى بعد أن اقترح البيت الأبيض الشهر الماضي استثمار هذه الأموال في كل من أوكرانيا وروسيا ضمن الشروط الأصلية لخطة السلام، وهو ما دفع المسؤولين الأوكرانيين، بدعم من العواصم الأوروبية، إلى شن جهود دبلوماسية مكثفة لتحسين شروط الخطة الأمريكية، بحسب «فاينانشال تايمز»، من المتوقع أن يثير ميرز في الاجتماع مخاوف برلين من احتمال تحملها وحدها معظم فاتورة دعم أوكرانيا العام المقبل، باعتبارها أكبر مزود للمساعدات العسكرية لكييف، خاصة في ظل القيود المالية الصارمة التي تواجهها كل من فرنسا وبريطانيا.

في الوقت الذي تدور فيه هذه المناورات الدبلوماسية، أفادت «فاينانشال تايمز» بأن القوات الروسية صعّدت هجماتها على المدن الأوكرانية والبنية التحتية الحيوية خلال الأيام الأخيرة، مما تسبب في انقطاعات واسعة للكهرباء في جميع أنحاء البلاد، وقال زيلينسكي إن بلاده "تواصل العمل مع شركائها لضمان أن تصبح دفاعاتنا أقوى ردًا على هذه الهجمات، مشددًا على أن الأولوية واضحة: المزيد من أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ، والمزيد من الدعم لمدافعينا.

وكشفت الصحيفة أن رئيس الوزراء البريطاني أجرى الأحد اتصالًا مع نظيره الهولندي ديك شوف، حيث أكد الطرفان "الحاجة إلى دعم دولي مستدام لدفاع أوكرانيا"، فيما تقوم وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر بأول زيارة لها إلى واشنطن اليوم الاثنين منذ تعيينها في سبتمبر الماضي، للقاء وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ومستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس لمناقشة الملفين الأوكراني والغزي.