النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

«جائزة الفيفا للسلام» تفجر فضيحة كبرى.. ماذا دار في الكواليس؟

ترامب
كريم عزيز -

تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، جائزة الفيفا للسلام المستحدثة خلال حفل قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن، في خطوة أثارت موجة غضب داخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفتحت الباب أمام تساؤلات جدية حول مستقبل جياني إنفانتينو السياسي كرئيس للفيفا.

وكشف صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية أن إنفانتينو التقى ترامب سبع مرات على الأقل خلال العام الجاري، محققًا حضورًا مع الرئيس الأمريكي يفوق أي زعيم عالمي آخر، وأجرت الصحيفة مقابلات مع ستة مسؤولين دوليين رفيعي المستوى في كرة القدم عبر ثلاث قارات، كشفوا جميعًا عن استياء واسع النطاق من قرار رئيس الفيفا المضي في علاقة وثيقة مع ترامب رغم السياسات الأمريكية التي تسببت في فوضى للفرق والجماهير والمنظمين المحليين.

وأكد ميجيل مادورو، الذي ترأس لجنة الحوكمة والمراجعة في الفيفا بين عامي 2016 و2017، لـ«بوليتيكو» أن «مدى هذه العلاقة الحميمة والطابع العلني الذي اتخذته بين إنفانتينو وترامب يختلف تمامًا حتى عما شهدناه في الماضي»، مضيفًا: «ليس الأمر أن أشياء كهذه لم تحدث من قبل، لكنها لم تحدث بهذا الوضوح والتأكيد كما يحدث الآن».

وظهر إنفانتينو بجانب ترامب في مناسبات حرجة، منها جلوسه بجواره في نهائي كأس العالم للأندية بنيوجيرسي في يوليو الماضي، حيث جره إلى منصة التتويج لتسليم الكأس لتشيلسي، تاركًا اللاعبين في حيرة من حضور سياسي أمريكي معهم في تلك اللحظة، كما وقف صامتًا في المكتب البيضاوي عندما أعلن ترامب أنه لن يستبعد توجيه ضربات عسكرية ضد المكسيك، الدولة المشاركة في استضافة المونديال.

الفضيحة الأكبر، وفقًا لـ«بوليتيكو»، كانت قرار إنفانتينو ابتكار «جائزة الفيفا للسلام» خصيصًا لترامب دون استشارة مجلس الفيفا المكون من 37 عضواً، حسبما أفادت ثلاثة مصادر مطلعة على الأمر للصحيفة، والأكثر إثارة للقلق أن ثلاثة على الأقل من نواب رئيس الفيفا الثمانية أعربوا علنًا أو سرًا عن قلقهم من المدى الذي يستعد إنفانتينو للذهاب إليه لإرضاء ترامب.

وأوضح مادورو أن «منح هذه الجائزة لشخص يمثل فاعلًا سياسيًا نشطًا يشكّل على الأرجح انتهاكًا لمبدأ الحياد السياسي»، مضيفاً أن القرارين، إنشاء الجائزة واختيار الفائز بها، كان يجب ألا يتخذهما الرئيس بنفسه. وكشفت ثلاثة مصادر أن إنفانتينو تجاوز مجلس الفيفا تمامًا، وحتى نواب الرئيس الذين أُبلغوا مسبقًا كانوا يُخطَرون بقرار متخذ فعليًا، وجاء اختراع الجائزة بعد شكوى ترامب في أكتوبر الماضي من تجاهل لجنة نوبل النرويجية له.

وعلّق إنفانتينو في منتدى الأعمال الأمريكي بميامي، الذي حضره ترامب أيضًا: «إنه ينفّذ فقط ما قال إنه سيفعله، لذا أعتقد أنه يجب علينا جميعًا دعم ما يفعله لأنني أعتقد أن الأمور تبدو جيدة جدًا»، وبرز فيكتور مونتاجلياني، نائب رئيس الفيفا ورئيس اتحاد الكونكاكاف الإقليمي الذي يضم 41 دولة من أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي، كأبرز منتقد لسياسات إنفانتينو.

وعندما هدّد ترامب في سبتمبر الماضي بنقل مباريات كأس العالم من المدن التي يديرها الديمقراطيون لأنها «خطرة قليلًا» التزم إنفانتينو الصمت التام رغم أن منظمته أمضت سنوات في تدقيق وتحضير تلك المدن، لكن مونتاجلياني رفض هذا الصمت، وقال في مؤتمر للأعمال الرياضية بلندن بعد ستة أيام: «إنها بطولة الفيفا، اختصاص الفيفا، والفيفا هو من يتخذ تلك القرارات».

وأضاف في المؤتمر نفسه: «مع كل الاحترام لقادة العالم الحاليين، كرة القدم أكبر منهم وستبقى بعد نظامهم وحكومتهم وشعاراتهم»، ووفقًا لـ«بوليتيكو»، فإن تصريحات مونتاجلياني لم تلقَ ترحيبًا من دائرة إنفانتينو الداخلية، لتتدهور العلاقة بينهما أكثر عندما يشعل ترامب التوترات مع كندا بسبب إعلان كندي مناهض للرسوم الجمركية استهدف السياسة التجارية الأمريكية.

وأشارت ثلاثة مصادر إلى أن مونتاجلياني، القريب من رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، يعتقد أن إنفانتينو تملّق ترامب أكثر من اللازم في بطولة ستتحقق بتعاون ثلاث دول وليست أمريكا بمفردها، وذكرت «بوليتيكو» أن اتحاد أوروبا لكرة القدم (يويفا)، الذي يمثل 55 دولة عضو ويعد الأكبر في الفيفا، هاجم إنفانتينو بلغة حادة غير معتادة عندما اضطر لتأخير افتتاح مؤتمر الفيفا السنوي في أسونسيون بباراجواي لاستيعاب سفر إنفانتينو من منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في الرياض.

وانسحب نائبان لرئيس الفيفا احتجاجًا، إلى جانب رئيسة الاتحاد الإنجليزي ديبي هيويت وآخرين، فيما كتب اليويفا: «تغيير الجدول الزمني في اللحظة الأخيرة لما يبدو ببساطة استيعاب مصالح سياسية خاصة لا يخدم اللعبة ويضع مصالحها في المرتبة الثانية»، وتشير «بوليتيكو» إلى أنه على الرغم من فوز إنفانتينو بولايتيه الأخيرتين دون منازع بفضل توزيعه مليارات الدولارات على الاتحادات الأعضاء عبر برنامج "فيفا فوروارد"، إلا أن مغامراته السياسية مع ترامب بدأت تكلفه غاليًا، إذ خسر دعم أوروبا، قاعدته الانتخابية الأولى، بينما يعتمد الآن على آسيا وإفريقيا والخليج.

وبحسب «بوليتيكو»، فإن انتخابات 2027 ستكون اختبارًا حقيقيًا لإنفانتينو أمام 211 اتحادًا، حيث سيواجه أسئلة صعبة حول انحيازه لترامب، ويرى مراقبون أن مونتاجلياني يمثل التهديد الأكبر، إذ يمكنه تشكيل تحالف عابر للمحيطات يطيح بالرئيس الحالي، خاصة مع استياء المكسيك وكندا من سياسات ترامب، بحسب ما أكده مسؤول كبير للصحيفة.