جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: دولة الفوضي بالقانون؟!

أسامة شرشر
-

نحن نعيش ونتعايش في عالم «اللادولة» أو بمعني أدق في دولة «الفوضي بالقانون» فعندما يكون الخروج علي القانون والآداب العامة والقيم المجتمعية هو القاعدة ، وعندما نجد الأمن المصري " عاجزا " عن حماية المنشآت العامة للدولة والمواطنين فلابد أن نقول علي البلد السلام !


فمشهد حصار مدينة الانتاج الإعلامي من مجموعات خارجة عن القانون والقواعد العامة ، هي فضيحة دولية وعالمية بكل المقاييس ، بأننا أصبحنا دولة فاشلة وفي طريقها للانهيار فـ " لا نبكي " و" لا نصرخ " و" لا نتكلم " عن دولة نسقطها بأيدينا !.


وللأسف الشديد يعلق " الإخوان " و " الرئاسة " فشلهم علي الإعلام ، الذي أصبح في نظرهم «الجلاد» وأساس «الإرهاب» ، والسبب الرئيسي في خلق " دولة الفوضي" وفشلها وتهاويها وسقوطها !!


يا سادة القضية الحقيقية في غياب " الإرادة السياسية " و" الحكم الرشيد " ، وأعتقد أن مرسي أصبح في خطر ، لأن ما يجري أمام مدينة الانتاج والمقطم يؤثر علي صورته أمام الرأي العام المصري ، أو حزب الكنبة " الغلبان" ، وأمام عدسات تلفزيونات العالم بأثره ، فضيحة بكل المقاييس ، لأن الشعب المصري يعيش الذهول والخوف والتوتر ، لما يجري في مصر المحروسة ، ليل ونهار ، ومنحني " السقوط " يسير بسرعة الصاروخ إلي الهاوية والمجهول!.


والأعجب والأغرب أن مصر أصبحت "أضحوكة " العالم ، وأصبحت " مباحة " و" مستباحة " للصغير قبل الكبير ، يعبث فيها من يشاء ليفعل مايشاء ، في لحظة فارقة في تاريخ هذه الأمة ، ومصر الدولة والحكم والشعب لم تكن يوما بهذا الشكل، والصورة السوداء ، وفي هذا المشهد العبثي الذي أصبح مكررا يوميا ، وكأنها " دراما سياسية " يعيشها الشعب المصري ويتعايش معها ! .


وللأسف الشديد أفرزت هذه السياسة مفاهيم سوداء و" كفرالناس" بكل شيء ، والأخوة الفرقاء يتعاركون علي " كعكة السلطة " والثروة ، وأحقية كل منهم في فرض شروطه علي الآخر!!


وبدلا من أن يتخذ الرئيس مرسي قرارات رادعة في احترام القانون وتطبيقه علي الجميع بداية من مكتب الإرشاد، ومرورا بالشيخ حازم أبوإسماعيل ، الذي أطلق دعواته التحريضية لحصار مدينة الانتاج الإعلامي ، ونهاية بالعبث بأمن المواطن والوطن ، حتي أصبح الجميع تحت الحصار اليومي ، وأصبحت صورة مصر تدعوا إلي الأسي والحسرة من أبنائها بالخارج والداخل ، وأصبح العالم ينظر إلينا ، علي أننا دولة يحكمها قانون القوة والبلطجة والإرهاب !


ومارس رئيس الدولة كالعادة " عدالة انتقائية " وصفها البعض بأنها " عبث " و" ارهاب للمعارضة " ، بعد أن حرك " أذناب النظام " دعواهم ضد معارضيه ، ومارس النائب العام " الذي تعتبره المعارضة " مشكوكا " في شرعيته ، دوره في توجيه الاتهام لعدد كبير منهم وأصدر قرارات بمنع سفرهم ، دون الحديث من قريب أوبعيد عن أنصارالرئيس ومؤيديه من "حازم لازم " ، و" حازمون حازمون " أو الجماعة الاسلامية ، الذين روعوا وقتلوا المتظاهرين أمام الاتحادية ، ومدينة الانتاج الاعلامي ، وحزب الوفد ، ليترجم الرئيس سياسته الانتقائية في عدالته الانتقائية !.


وهو مايعني ياسادة !!.. أن قرارات الرئاسة وتهديداتها حتي وخطابها لاتزال تشطر المجتمع والشعب والوطن الي نصفين ، وهي رسالة سلبية وسيئة عن الرئاسة والجماعة والوطن ، ستؤثرحتما علي مستقبل مصر وشبابها الطاهر الذي دفع دمه وروحه للحفاظ علي صورة مصر التي هزت العالم كله خلال ثمانية عشر يوما أطاحت بنظام كان قد فاح منه الفساد والاستبداد!!


والشيء الغريب والمثير أن إسرائيل الآن في حالة نشوة وفرح مستمر، بما يجري في مصر من تشويه للقوات المسلحة ، وانهيار للشرطة ، وحصار لكل أركان الدولة ومؤسساتها ، ونسير في طريق اسقاط القضاء وتسييسه ليعمل لصالح الرئيس والجماعة بدلا من أن يكون عدلا بين الشعب ونظام الحكم !.


وكما يقال اذا سقط القضاء سقطت الدولة بكل أركانها ، وإذا غاب الأمن أصبحت مصر " لا دولة " و" لا قانون " .. فالقرآن والإسلام والرسول دعوا لتكريس الأمن في حياة الناس " فمن كان امنا في سربه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها " كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم ، لأن أمن المواطن وقوته هما سر الحياة والوجود .
والمفاجأة المذهلة أن يخرج الرئيس مرسي بأصابعه يهدد ويتوعد معارضيه ، وكأن مصر أصبحت مختزلة في معركة " الأصابع الجديدة " ، التي تحدد الاتهامات وتوزعها قانونيا علي المعارضين ، وكأنه يغتال القانون بالقانون ، ويختزل الدولة في اصبعيه !.


وا حسرتاه عليكي يامصر .. وا حسرتاه عليك ياوطني .. وا حسرتاه عليكم يابنو وطني .. فقد أصبح الوطن والدولة والشعب أداة في يد الجماعة التي خلطت السلطات التشريعية في السلطات القضائية والتنفيذية لتكون مصر والشعب أداة في تحقيق مخططاتها التوسعية ، وإقامة دولة الخلافة علي حساب الجميع ، واللي مش عاجبه يشرب من البحر !!