النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

ملامح الاستراتيجية الإيرانية في التعامل مع الواقع العراقي الجديد

وزير خارجية إيران
كريم عزيز -

فسر الدكتور ستار جبار علاي، الخبير في الشئون الإيرانية، التقدم الأبرز في العلاقات العراقية – الايرانية الذي بدأ في ظل حكومة إبراهيم الجعفري التي بادرت إيران إلى الاعتراف بها، واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع العراق، وأصدرت حكومة الجعفري عفوًا عن المحتجزين والمعتقلين الإيرانيين في السجون العراقية، وقام وفد عسكري عراقي كبير برئاسة وزير الدفاع سعدون الدليمي بزيارة إيران في 7 تموز (يوليو) 2005، وهي الأولى من نوعها منذ 40 عاماً، إذ قدم الوفد اعتذاره لإيران حكومة وشعبًا عما وصفه بجرائم صدام بحق إيران، وزار الجعفري إيران ووقع عدة اتفاقيات للتعاون العسكري والأمني بين البلدين، وأكد أن حكومته لن تسمح للمعارضة الإيرانية وتحديداً منظمة مجاهدي خلق من أن تتخذ من الأراضي العراقية منطلقًا لممارسة عملياتها ضد إيران.

وقال «سترا» في تحليل له، إنه من أبرز النتائج التوقيع على اتفاقية تعاون أمني مشترك بموجبه شكل البلدان لجانًا مشتركة للتنسيق الأمني وضبط الحدود والمساعدة في إعادة تأهيل الجيش العراقي، واستمر التعاون بين البلدين بعد تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة العراقية، وهو الذي أكد خلال زيارته إلى إيران عام 2007، على أهمية التعاون بين البلدين وعدم وجود حواجز تعترض طريق هذا التعاون، الذي لا يزال يطرد يوماً بعد يوم رغم الضغوط والاتهامات الأمريكية باستغلال هذا التعاون لتحقيق مكاسب إقليمية، وخلال هذه المرحلة يمكن تحديد أبرز ملامح الاستراتيجية الإيرانية في التعامل مع الواقع العراقي الجديد بـ:

- دعم فصائل المقاومة المسلحة في العراق وعدم ترك الساحة العراقية للاحتلال الأمريكي، إلى جانب دعم الحكومة العراقية على الرغم من الدعم الأمريكي المباشر لهذه الحكومة وللعملية السياسية.

- ترتيب البيت الشيعي العراقي ومحاولة توحيده خاصة أثناء العملية الانتخابية لضمان سيطرته على المجلس النيابي العراقي. وعدم مجيء حكومة يمكن أن تكون معادية لها، وفي أسوأ الأحوال أن تأتي حكومة غير متعاونة. وهذا ما يفسر دعم إيران لحكومة المالكي ومن قبلها حكومة الجعفري، إذ يمكن عدّ هاتين الحكومتين صديقتين لإيران على الرغم من انتقاد مسؤوليها أحيانًا لإيران في بعض القضايا الأمنية أو السياسية.

- تعزيز النفوذ والروابط الدينية والترويج لمبدأ ولاية الفقيه.

وأوضح أن إيران دعمت الانتخابات العامة الأولى عام 2005، وأكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية رضا زادة آصفي أن جميع العراقيين الذين شاركوا في الانتخابات عكسوا رغبتهم في الحصول على الاستقلال والتخلص من الوجود الأجنبي على أراضيهم، داعيًا دول العالم إلى التعاون مع الحكومة المقبلة. إلا أن الموقف الإيراني الداعم للانتخابات العراقية واجه اتهامات أمريكية واضحة وصريحة إلى إيران بالتدخل في الشأن العراقي، وذلك عقب انتخابات عام 2005. وجاءت هذه الاتهامات من السفير الأمريكي وقائد القوات الأمريكية في العراق.

ونوه إلى أن تشكيل حكومة المالكي الثانية في ديسمبر2010، جاء أنموذجًا لجهود إيران في توحيد حلفائها السياسيين في العراق، إلا أن الحكومة ضمت أحزاباً متعددة سبق أن انغمست في صراعات عنيفة في الماضي القريب. وهذا ما جعل الحكومة تفتقد إلى الاستقرار المطلوب، ومارست إيران دور الوسيط السياسي بعد بروز التصدعات في الائتلاف الحاكم. وخلال هذه المرحلة وقع العراق وإيران أكثر من 100 اتفاقية تعاون. لكن قدرة إيران على ضمان استمرار صيغة الشراكة السياسية القائمة بين الأطراف السياسية العراقية وفق اتفاق أربيل واجهتها عدة تحديات مما جعلها عاجزة عن السيطرة عليها، بالأدوات التي كانت تستخدمها منذ احتلال العراق عام2003.