النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

قصة انتصار ألمانيا للحمير بدلاً من أطفال غزة المنكوبين.. كواليس عديدة

حرب غزة
كريم عزيز -

فجّر الدكتور محمد وازن، خبير الشئون الإسرائيلية والدراسات الاستراتيجية، مفاجأة جديدة بشأن هرم الإنسانية الألمانية، موضحاً أنه بينما آلاف الأطفال الفلسطينيين في غزة ممنوعين من السفر للعلاج بحجة التعقيد الأمني والإجرائي، نجحت مبادرة مشتركة بين منظمة «ستارتينغ أوفر سانكتشواري» الإسرائيلية وحديقة حيوانات ألمانية في جلب حمير من غزة إلى ألمانيا، ومنحها ملجأً آمنًا وحياة جديدة، وذلك بحسب تغطية صحيفة «ألجماينه تسايتونغ» الإقليمية الألمانية لنقل حمير من غزة إلى مدينة أوبنهايم.

وذكر «وازن» في ترجمته، أن الصحيفة الألمانية احتفت بوصول أربعة حمير من غزة إلى حديقة حيوانات في بلدة أوبنهايم، ضمن مشروع أُطلق عليه مشروع «رحلات الحمير»، لنقل الحمير من مناطق الحرب إلى ملاجئ في أوروبا، موضحاً أن الحديث يدور عن «رحلة إنقاذ» مرت عبر كيان الاحتلال إلى أوروبا، ثم توزيع عدد من الحيوانات على حدائق ومزارع ألمانية. بحسب تقرير «ألجماينه تسايتونغ» وتقارير متابعة في مواقع ألمانية بديلة.

وأوضح الدكتور محمد وازن، أن النص الأصلي للصحيفة وصف حياة الحمير في غزة بأنها «حياة من الجوع والبؤس والضرب والاستغلال»، ثم احتفى بأن الحيوانات رغم كل ما مرت به، بدأت تزدهر قليلًا في ألمانيا: «نفس اللغة العاطفية الدقيقة عن الجوع، البؤس، الصدمة، التعافي النفسي لم تُستخدم في الإعلام الألماني السائد عندما كان يتحدث عن أطفال غزة الذين يعيشون تحت القصف والحصار والجوع منذ أكثر من عامين»، بحسب تحليل نشره موقع «ميدل إيست مونيتور» وموقع ألماني نقدي مستقل.

وراء العملية تقف منظمة إسرائيلية معنية برعاية الحمير، تقول إنها أنقذت نحو 50 حمارًا من غزة ومناطق أخرى ثم نقلتها إلى ملاذات في أوروبا، ضمن سلسلة «رحلات جوية» للحمير، في المقابل، لا أحد يسأل: من دمّر بيئة أصحاب هذه الحمير أصلًا؟ ومن حوّل وسائل معيشتهم إلى حطام؟ بحسب بيانات منشورة على موقع المنظمة نفسها وتقارير داعمة لجمع التبرعات لها.

في سبتمبر/أكتوبر الماضي، عرضت مدينة هانوفر وعدة مدن ألمانية استقبال حوالي 20 طفلًا فلسطينيًا مصابًا من غزة للعلاج، ورفضت الحكومة الفيدرالية الطلب بحجة أن الوضع معقد وغير قابل للتنبؤ، وأن الإجراءات الأمنية واللوجستية تجعل استقبال الأطفال صعبًا. في النهاية، بقي الأطفال في غزة، بينما اجتازت الحمير كل الحواجز ووصلت إلى أوبنهايم بسلام. بحسب تقارير وكالة «الأناضول» ومواقع حقوقية أوروبية تابعت رفض برلين استقبال 20 طفلًا جريحًا.

بحسب خبير الشئون الإسرائيلية، أشعل النبأ منصات التواصل في ألمانيا وخارجها؛ موجة واسعة من الانتقادات اتهمت الحكومة والإعلام بازدواجية معايير فاضحة: حيوانات تُعامل كضحايا حرب تستحق التعاطف والإنقاذ، بينما أطفال غزة يُعاملون كملف أمني معقد. تحت ضغط التعليقات اضطرت الصحيفة الألمانية إلى إغلاق التعليقات على المادة الأصلية. بحسب متابعة مواقع مثل «ميدل إيست مونيتور» ومنصات صحافة مستقلة نقلت ردود الفعل على تقرير «ألجماينه تسايتونغ».

وقال «وازن»: «القصة ليست عن أربع حمير فقط، بل عن صورة أوسع.. كيف يُعاد رسم هرم الإنسانية في الخطاب الغربي بحيث يصبح جسد الحيوان أحيانًا أكثر قابلية للتضامن من جسد الطفل الفلسطيني؟ كيف تُفتح الممرات والرحلات الجوية لـ"إنقاذ الحمير" بينما تُغلق الأبواب أمام إنقاذ من تبقى حيًا من أطفال غزة؟ هذا السؤال هو صلب الجدل الذي أثارته هذه الواقعة، والذي بدأ ينعكس في مقالات وتحليلات تنتقد بحدة السياسة الألمانية تجاه غزة، بحسب تحليلات رأي في مواقع مثل «موندويز» و«ميدل إيست مونيتور».