النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

قمة شنغهاي في موسكو — رهان استراتيجي على النظام العالمي متعدد الأقطاب

اجتماع مجلس رؤساء حكومات منظمة شنغهاي للتعاون في موسكو
هالة عبد الهادي -

عُقد اجتماع مجلس رؤساء حكومات منظمة شنغهاي للتعاون في موسكو، برئاسة رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، بمشاركة واسعة من قادة الدول الأعضاء. يأتي هذا اللقاء في وقت تعيد فيه هذه الدول تأكيد طموحاتها في تعميق وتفعيل التكامل الاقتصادي والأمني عبر مجموعة من المبادرات على خلفية انتقال النظام العالمي نحو تعددية قطبية.

وجاءت مخرجات اللقاء لتؤكد على تسريع التعاون المالي عبر التبادل بالعملات الوطنية، كما تم الاتفاق على دفع خطط التنمية المشتركة حتى عام 2035، مع التركيز على الربط الإقليمي في مجالي الطاقة والزراعة. في هذا الإطار، شدّد رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، على استعداد شنغهاي لاغتنام مبادرة "الحوكمة العالمية" والعمل على آليات مشتركة للابتكار والطاقة. وتوسيع الاستثمارات مع روسيا ما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين،. كما أكدت إيران خلال اجتماعها على تعزيز مشاريع الطاقة والنقل مع شركائها، بما يعزز التعاون الإقليمي ويتيح فرصًا للتنمية المستدامة.

وعلى المستوى الأمني، اتفقت الدول الأعضاء على تعزيز التعاون الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب، في خطوة تعكس رغبتها في بناء إطار أمني مشترك قادر على التصدي للتحديات العابرة للحدود.

ويري الخبير الروسي ألكسندر لوكين:" منظمة شنغهاي تمثّل قوة استقرار مهمّة في وجه التوترات العالمية، كما أنها قادرة على لعب دور محوري في بناء نظام دولي أكثر توازنًا بين القوى الكبرى". مشيراً :"في ظل الحروب الاقتصادية والضغوط الغربية، يجب أن تكون منظمة شنغهاي منبرًا للدمج الأوراسي، ليس فقط في التجارة، بل في معالجة الأزمات العالمية من خلال تعاون عميق وعادل."

ويؤكد لوكين أن الاجتماع في موسكو يُعد فرصة مهمة لتفعيل استراتيجيات تمويل مشترك، ما قد يخفّف من هيمنة النظام المالي الغربي ويقلل الاعتماد عليه ويعزز استقلالية الأعضاء. كما أوضح أن التعاون الأمني يعكس رغبة الدول في إنشاء بنية أوراسية متعددة الأقطاب قوية ومستقرة تواجه الغرب.

يُعد اجتماع موسكو خطوة استراتيجية مهمة نحو بناء نظام دولي أكثر توازنًا، تسعى فيه دول الشرق إلى تقوية أدواتها الاقتصادية والأمنية ضمن إطار مشترك. ومع استمرار هذا الزخم، قد تنمو منظمة شنغهاي لتصبح أحد الأعمدة الرئيسية في النظام العالمي القادم، ليس كبديل غربي فقط، بل كقطب فاعل قادر على المبادرة والتأثير في السياسات الدولية.