النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

واشنطن تثير التساؤلات حول مستقبل غزة.. صحيفة عبرية تفجر مفاجأة

حرب غزة
كريم عزيز -

أفاد مصدران أمريكيان، بأن الولايات المتحدة تعمل على تقليص وجودها العسكري في مركز التنسيق المدني العسكري الواقع في مدينة كريات جات بجنوب إسرائيل، وفق ما أوردت صحيفة «هآرتس» العبرية، ونقلت الصحيفة عن المصدرين، إن هدف الولايات المتحدة أن يكون المركز تابعًا لمجلس السلام الدولي الذي سيتم تشكيله قريبًا، ومن المفترض أن يشرف على الترتيبات التي تلي الحرب في قطاع غزة وسيكون تحت رئاسة دونالد ترامب وقادة عالميين.

وذكرت الصحيفة أن بعض العسكريين البالغ عددهم 200 فرد، الذين كانوا في إسرائيل لإنشاء المركز الذي افتتح رسميًا في كريات جات، أكتوبر الماضي، بدأوا المغادرة بالفعل، وأكد مصدر أن مجلس السلام الذي سيرأسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيكون «حجر الزاوية» في الخطة الأمريكية بشأن غزة.

وقال المصدر -في إشارة إلى القرار الأمريكي بشأن غزة الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي- الاثنين الماضي: «كما هو موضح في قرار مجلس الأمن الذي اعتمد هذا الأسبوع، فإن مجلس السلام سينسق تقديم المساعدات الإنسانية وتسهيل تنمية غزة»، مضيفاً أن مجلس السلام سيدعم أيضًا لجنة تكنوقراط من الفلسطينيين مسؤولة عن العمليات اليومية للخدمة المدنية والإدارة في غزة بينما تنفذ السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي.

وقال مصدران دبلوماسيان شاركا في التغييرات بالمركز، ومصدر ثالث متمركز هناك، إن تنمية غزة، أو بشكل أكثر دقة بناء ما يُسمى المجتمعات الآمنة لسكان غزة في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من المنطقة، يأتي على رأس قائمة الأولويات الأمريكية، وأضاف أحد الدبلوماسيين في وقت سابق الأسبوع الجاري، أن الأمريكيين لديهم هدفان: «فتح المزيد من المعابر لإدخال المساعدات، وبناء تلك التجمعات السكانية المؤقتة».

وأوضح الدبلوماسي، أن بناء تلك التجمعات قد يكون في مصلحة إسرائيل أيضًا، لأن ذلك سيؤدي فعليًا إلى تقسيم غزة إلى قسمين، وكشفت «هآرتس» أن أكثر من 20 دولة لديها ممثلون في مركز التنسيق المدني العسكري، بما في ذلك دول أوروبية وبعض الدول العربية، ويطرحون أسئلة قانونية وأخلاقية على واشنطن بشأن مشاركتهم في خطة بناء مجتمعات سكنية جديدة بغزة.

وتشمل هذه الأسئلة، حسب الصحيفة، من سيتم اختيارهم للعيش في هذه المجتمعات، وعلى أي معايير سيتم اختيارهم، وما إذا كان الأشخاص الذين ينتقلون إليها قادرين على المغادرة، وماذا سيحدث للمالكين القانونيين للأرض التي تم بناء هذه المجتمعات عليها، وقال أحد الدبلوماسيين، إن الفكرة الأمريكية الحالية هي مصادرة الأرض وتعويض أصحابها. وأضاف أن مركز التنسيق يعنى حاليًا بالتخطيط لإزالة الأنقاض لبناء التجمعات السكنية المؤقتة الجديدة، وأن الخطط تتقدم بوتيرة سريعة.

مع ذلك، ووفقًا لمصادر أخرى عديدة، لا تعارض أي من الدول المشاركة في مركز التنسيق المدني الإسرائيلي حاليًا الخطة الأمريكية بشدة. بل يسعى البعض إلى إقناع واشنطن باستخدام بناء هذه التجمعات السكنية لمنح السلطة الفلسطينية دورًا عمليًا في غزة، وصرح دبلوماسي أوروبي هذا الأسبوع: «سيكون من الضروري إدارة المدارس والمستشفيات في غزة، بما في ذلك تلك التجمعات السكنية الآمنة».

لكن رغم الضغوط التي تمارسها الدول الأخرى على واشنطن، أفادت عدة مصادر بأن الجهات التي تتخذ القرارات السياسية بشأن بناء التجمعات السكنية الجديدة لا تتخذ من مركز التنسيق المدني العسكري مقرًا لها، بل يتم اتخاذ القرارات في البيت الأبيض أو بالتشاور بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، على حد قولهم، فالمركز مسؤول فقط عن تقديم الحلول التقنية لبناء التجمعات السكنية، وفي الأسبوع الماضي، نقلت صلاحيات منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية المتعلقة بتنسيق دخول المساعدات الإنسانية إلى مركز التنسيق، وفقًا لمصدر رسمي أمريكي ومصدر آخر داخل المركز. وذكر عدد من المصادر أن توترات ظهرت بين الإسرائيليين والأمريكيين في المركز على خلفية القرارات المتعلقة بالمساعدات.

ومع ذلك، قال دبلوماسي مطلع إن الجانبين نجحا في التوصل إلى تسويات بشأن عدد الشاحنات وأنواع البضائع المسموح بدخولها، في ظل المخاوف الإسرائيلية من "الاستخدام المزدوج" لبعض المواد، وأضاف دبلوماسي آخر أنه لم يلاحظ أي تغيير كبير في الموقف الإسرائيلي على الأرض فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية.

وبحسب مصدر أمريكي، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار يُلزم إسرائيل بإدخال 600 شاحنة يوميًا من المساعدات الإنسانية، فقد ارتفع العدد مؤخرًا إلى نحو 800 شاحنة في المتوسط، وهو ما يعزوه إلى عمل مركز التنسيق. وقال المصدر إن وحدة منسق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة "جزء لا يتجزأ" من المركز، وتعمل "بتنسيق كامل لضخ أكبر قدر ممكن من المساعدات لسكان غزة المحتاجين".

غير أن معطيات الأمم المتحدة تظهر أن نسبة صغيرة فقط من الشاحنات، التي دخلت غزة منذ بدء وقف إطلاق النار تتبع للمنظمات الإنسانية (الأمم المتحدة ومنظمات دولية تعمل بالتعاون مع المركز)، ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار، دخلت 4335 شاحنة تابعة للمنظومة الإنسانية، أي ما يعادل كمية أسبوع واحد فقط من المساعدات. أما الجزء الأكبر من المواد الغذائية والسلع فيدخل عبر القطاع الخاص أو من دول تقدم مساعدات خارج إطار آليات الأمم المتحدة.

وقال مصدر في الأمم المتحدة، إن "معظم السلع التي تدخل لأغراض تجارية وجبات سريعة وشوكولاتة وما شابه. هذا لا يهمنا كثيرًا، لكننا نرغب في رؤية دخول مواد مغذية عبر القطاع الخاص أيضًا"، مؤكدًا أنه رغم مرور شهر ونصف الشهر على وقف إطلاق النار، لا تزال منتجات اللحوم والحليب والخضراوات نادرة في القطاع، فيما يعتمد معظم السكان على الكربوهيدرات.

ونقلت "هآرتس" عن مصدر أمريكي رسمي، قوله إن "مركز التنسيق وجميع الشركاء فيه يعملون بنشاط لزيادة نسبة المساعدات الإنسانية مقارنة بالبضائع التجارية، من جانبه؛ قال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، إن عملية دمج الأمريكيين في آليات التنسيق لإدخال المساعدات إلى غزة بدأت بالفعل، وتشمل تبادل المعلومات ونقل غرفة التنسيق المشتركة من مكتب تنسيق غزة إلى مركز كريات جات.

وأشار إلى أن الأمر "لا يتعلق بنقل صلاحيات أو مسؤوليات من منسق أعمال الحكومة إلى الأمريكيين، بل بدمجهم في بلورة وتنفيذ آليات التنسيق والرقابة والإشراف المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، بالتعاون مع الجهات الأمنية الإسرائيلية، وأضاف أنه "لا يوجد أي تغيير في سياسة فحص المساعدات ومحتواها. فشاحنات المساعدات ستخضع للتدقيق في المعابر من قبل جهات الأمن والسلطات الإسرائيلية، إلى جانب اتخاذ الخطوات اللازمة للحد من تدخل حركة حماس بالمساعدات الإنسانية".