النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

كيف تطور الانخراط المصري في مجموعة العشرين؟

المشاركة المصرية في القمة
كريم عزيز -

كشف الدكتور محمد منير غازي، باحث في الدراسات السياسية والاتصال السياسي، عن تطور الانخراط المصري في مجموعة العشرين، موضحاً أن المشاركة المصرية في مجموعة العشرين شهدت تطورًا نوعيًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. فبعد مشاركتها كدولة ضيف في قمم الصين 2016، اليابان 2019، الهند 2023، والبرازيل 2024، تلقت مصر دعوة مفتوحة من الرئاسة الجنوب إفريقية للمشاركة في كافة مسارات العمل والاجتماعات الوزارية طوال عام 2025. هذا الحضور المستمر لا يعكس فقط العلاقات الثنائية المتينة بين القاهرة وبريتوريا، بل يكرس اعترافًا دوليًا بمصر كقوة إقليمية لا غنى عنها في معادلات الشرق الأوسط وإفريقيا، وكصوت عقلاني قادر على جسر الهوة بين الشمال والجنوب.

وقال في تحليل له، إن مصر تستفيد من عضويتها الحديثة في تجمّع «بريكس+» لتعزيز هذا الدور، حيث تنسق مواقفها مع القوى الناشئة للدفع بأجندة تنموية تركز على قضايا الديون والمناخ والأمن الغذائي. وقد أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن مصر مُلتزمة بالتنسيق الكامل مع جنوب إفريقيا لدفع جهود إعادة هيكلة النظام المالي العالمي.

وأوضح أنه في تطور غير مسبوق منذ تأسيس المجموعة عام 1999، استضافت مصر، وهي دولة غير عضو، اجتماعًا رسميًا لمجموعة العشرين على أراضيها. عُقد الاجتماع الثالث لـ فريق عمل الأمن الغذائي في القاهرة خلال الفترة من 1 إلى 3 سبتمبر 2025، بمشاركة واسعة من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية.

ونوه إلى أنه يمثل هذا الحدث تطوراً دبلوماسيًا يعكس الثقة العالية التي توليها الرئاسة الجنوب إفريقية لمصر، وقد ترأس الاجتماع من الجانب المصري السيد أحمد كجوك، وزير المالية، والسفير راجي الإتربي الممثل الشخصي لفخامة الرئيس المصري لدى المجموعة، وتمحورت النقاشات حول صياغة البيان الوزاري العالمي للأمن الغذائي.

وذكر الباحث، أن القاهرة لم تكن مُجرد مستضيف لوجستي، بل كانت المحرك الفكري للمناقشات، حيث طُرحت رؤية متكاملة تربط بين الأمن الغذائي والتمويل المناخي، وأسفرت اجتماعات القاهرة، وما تلاها من اجتماعات وزارية في جنوب إفريقيا، عن وثيقة مرجعية بالغة الأهمية عُرفت بـ Jمبادئ أوبونتو للأمن الغذائي والتغذية»، حيث تم اعتماد هذه الوثيقة رسميًا في اجتماع وزراء الزراعة في كيب تاون في 19 سبتمبر 2025، لتصبح إحدى الركائز الأساسية لإعلان القمة النهائي.

وقد تتضمن هذه المبادئ، التي ساهمت مصر بفاعلية في صياغتها، عدد من النقاط الجوهرية:

- مواجهة تقلبات الأسعار: الإقرار بأن تذبذب أسعار الغذاء والتضخم المستمر يمثلان تهديدًا وجوديًا للدول منخفضة الدخل، وضرورة اتخاذ تدابير جماعية لضبط الأسواق

- التجارة العادلة: التأكيد على أهمية نظام تجاري متعدد الأطراف، شفاف، وقائم على القواعد، لضمان تدفق السلع الغذائية دون عوائق سياسية

- الزراعة المرنة مناخيًا: تعزيز الاستثمار في البذور المقاومة للجفاف وتقنيات الري الحديثة، وهو مجال عرضت فيه مصر خبراتها الوطنية كنموذج قابل للتطبيق في إفريقيا

- الكرامة الإنسانية وشبكات الأمان: ربط الأمن الغذائي بالكرامة الإنسانية عبر التوسع في برامج الحماية الاجتماعية والتغذية المدرسية، مستلهمة روح "أوبونتو" التضامنية.