بعد دعوة الرئيس الأمريكي لمقاطعتها.. هل تفشل قمة مجموعة العشرين؟

قال الدكتور محمد منير غازي، باحث في الدراسات السياسية والاتصال السياسي، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمقاطعة قمة جوهانسبرج قمة مجموعة العشرينالتي عُقدت في جوهانسبرج، جنوب إفريقيا، يمثل محطة في مسار متنامٍ من التوتر الدبلوماسي والأيديولوجي بين واشنطن وبريتوريا.
وذكر في تحليل له، أن الإدارة الأمريكية اعتمدت في تبرير قرارها على سردية مثيرة للجدل تتعلق بوضع المزارعين البيض في جنوب إفريقيا، ففي تصريحات عبر منصة «تروث سوشيال»، انتقد ترامب استضافة جنوب إفريقيا للقمة، مُشيراً إلى مزاعم حول أوضاع تلك الفئة.
وأوضح «غازي»، أن هذه السردية تطورت لتنعكس في سياسات تنفيذية، منها إعلان الإدارة الأمريكية عن تقييد عدد اللاجئين السنوي وإعطاء الأولوية لفئة معينة من جنوب إفريقيا، وذلك بناءً على إدعاءات بوجود تمييز وعنف منهجي.
وأوضح أنه يبرز هذا التوجه تجسيداً لمبدأ «أمريكا أولاً» في صورته التي تستخدم السياسة الخارجية لخدمة أهداف داخلية، حتى وإن أثر ذلك على دور المؤسسات الدولية كبرى، وواجهت حكومة جنوب إفريقيا هذه الاتهامات برفض قاطع، واصفةً إياها بأنها مؤسفة وغير مدعومة بالحقائق.
وأكدت وزارة الخارجية الجنوب إفريقية والرئيس سيريل رامافوزا أن توصيف الأفارقة كمجموعة مضطهدة هو تزوير للتاريخ، مُشيرين إلى أن البيض في جنوب إفريقيا لا يزالون يتمتعون بمستويات معيشية ونفوذ اقتصادي يفوق بكثير الأغلبية السوداء، حتى بعد مرور ثلاثة عقود على نهاية نظام الفصل العنصري.
وأوضح الخبراء أن جرائم القتل في المزارع، التي يستشهد بها ترامب، هي جزء من معدلات الجريمة المرتفعة عمومًا في البلاد، وليست استهدافًا عرقيًا ممنهجًا، حيث يقع المزارعون السود والعمال ضحايا لهذه الجرائم أيضًا.
وقال الدكتور محمد منير غازي، إن التحليلات السياسية تشير إلى أن التوتر لا يقف عند حدود قضية المزارعين، بل يمتد ليشمل تباينات استراتيجية عميقة. فموقف جنوب إفريقيا الجريء في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل حليف الولايات المتحدة الوثيق، واتهامها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، شكّل نقطة احتكاك رئيسية. يضاف إلى ذلك مقاطعة سابقة لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لاجتماع وزراء الخارجية بسبب تركيزه على قضايا التنوع والمناخ، مما يكشف عن هوة واسعة في الأولويات بين الإدارة الأمريكية وأجندة الجنوب العالمي.
وأضاف، أنه أمام هذا التحدي الوجودي، تبنت الدبلوماسية الجنوب إفريقية، مدعومة بشركائها في الترويكا «البرازيل والهند» وبقية دول الجنوب، استراتيجية احتواء الضرر والمُضي قدمًا. وفي هذا السياق، صك السفير الجنوب إفريقي أنيل سوكلال مصطلح المجموعة أكبر من أن تفشل، مُؤكدًا أن غياب الولايات المتحدة، رغم تأثيره السلبي المؤكد نظرًا لوزنها الاقتصادي، لم يعد قادرًا على شل عمل المجموعة كما كان الحال في الماضي.
وتشير البيانات إلى أن القمة ستمضي قدمًا بمشاركة 65 وفدًا باستثناء الولايات المتحدة، بما في ذلك الدول الأعضاء الاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، ودول محورية في كضيف مثل مصر. هذا الإصرار يعكس تحولًا هيكليًا في النظام الدولي؛ إذ لم تعد واشنطن تمتلك فيتو فعليًا على التجمعات الدولية، خاصةً مع وجود بدائل اقتصادية وسياسية تتمثل في صعود الصين وتكتل بريكس.

