النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

روسيا تجنّد أفارقة للقتال في أوكرانيا.. هل تتحوّل القارة السمراء إلى جبهة الحرب الجديدة لموسكو؟

شاب أفريقي يعمل لصالح روسيا
هالة عبد الهادي -

تتّسع دائرة الحرب في أوكرانيا لتأخذ بُعدًا جديدًا بعدما كشفت كييف، أن أكثر من 1,436 شابًا من 36 دولة أفريقية جرى تجنيدهم وخداعهم للقتال في صفوف القوات الروسية. وقد أعلن وزير الخارجية الأوكراني أندريي سيبيها أن موسكو تستغل هشاشة الأوضاع الاقتصادية في القارة وتقدّم عقودًا وُصفت بأنها "حكم موت"، إذ يُدفع كثير من هؤلاء مباشرة إلى الخطوط الأمامية في مهمات قتالية قاسية لا يعود منها الكثير.

التحول يعكس نقصًا في القوى البشرية لدى الجيش الروسي ورغبته في توسيع نفوذه العسكري خارج أوروبا عبر استقطاب مقاتلين أجانب لتقليل التكاليف السياسية داخليًا وضمان تغذية خطوط القتال دون المساس بقاعدة مجنديها المحليين. وغالبًا ما يتم التجنيد بوعود مضللة بوظائف أو عقود عمل، فيُفاجأ الشباب بالالتزام العسكري وإرسالهم إلى الجبهات، كما أظهرت تقارير عن مواطنين من جنوب أفريقيا كانوا يظنون أنهم يسافرون للعمل، قبل أن يجدوا أنفسهم في مراكز تدريب عسكرية.

إن الأثر السياسي والأمني لهذه الظاهرة يتجاوز ميدان الحرب. فمشاركة شباب أفارقة في القتال تخلق طبقة جديدة من المقاتلين العابرين للحدود، وتكشف ثغرات اقتصادية تستغلها القوى الدولية. كما تضع حكومات أفريقيا في موقف صعب، بين ضرورة حماية مواطنيها وبين عجزها عن توفير الفرص الاقتصادية التي تمنع وقوعهم في هذا الفخّ.

وفي هذا السياق، نبه الخبير المتخصص في الشأن الروسي الدكتور نبيل رشوان، إلى أن هذه الظاهرة ليست جديدة تمامًا وأن دوافعها الاقتصادية تجعل الشباب أكثر عرضة للاستغلال. وقد قال:"هذا الإجراء يأتي مع تكرار وقائع سفر طلاب جامعيين للتجنيد بحثًا عن العائد المادي".

ويرى رشوان أن استمرار هذه الأنماط يفرض على الحكومات العربية والأفريقية تعزيز الرقابة على سفر الشباب، وفهم دوافع استهدافهم من قِبَل جهات خارجية، لأن تداعيات الظاهرة لن تتوقف عند الحرب، بل ستمتد إلى الأمن الداخلي عندما يعود بعض هؤلاء بخبرات قتالية وسياقات نفسية معقدة.

هذا الملف يسلط الضوء على مستقبل مهم لفهم العلاقة بين الفقر والهجرة والارتزاق العسكري في أفريقيا، ويبرز كيف تحوّلت القارة إلى ساحة تنافس دولي تُستغل فيها هشاشة الشباب كأداة في حروب لا تخصهم.