رئيس دار الكتب: المرأة كانت شريكًا أصيلًا في صناعة الحضارة الإسلامية… وكنوز الدار تشهد

في إطار الشراكة العلمية بين وزارة الثقافة ومكتبة الإسكندرية، شارك الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، في مؤتمر "المرأة في تراث العلوم والفنون الإسلامية" الذي نظمه مركز دراسات الحضارة الإسلامية بالتعاون مع برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي بقطاع البحث الأكاديمي في مكتبة الإسكندرية. انعقدت الفعاليات على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء 18 و19 نوفمبر 2025 بمركز المؤتمرات – قاعة الوفود.
وقدّم د. طلعت بحثًا بعنوان "المرأة والتراث الإسلامي في ضوء مجموعات دار الكتب والوثائق القومية" خلال الجلسة الافتتاحية، مؤكدًا في كلمته أن المرأة حظيت بمكانة رفيعة في الحضارة الإسلامية، وأسهمت بفاعلية في الحياة العلمية والثقافية والاجتماعية، مستشهدًا بدور فاطمة بنت عبد الله الأزدية في تنشئة الإمام الشافعي ودعم مسيرته في طفولته.
وأوضح رئيس دار الكتب أن اتساع مجموعات الدار يجعل الإحاطة بكل ما يتعلق بموضوع الندوة أمرًا بالغ الصعوبة، لذا اختار تقديم نماذج مختارة تُبرز حضور المرأة في المخطوطات والوثائق عبر العصور الإسلامية.
ومن بين النماذج التي استعرضها مصحف وقف السيدة خوند بركة، والدة السلطان الأشرف شعبان، والمؤرخ بسنة 769هـ، والمحفوظ بدار الكتب. ويعد المصحف قطعة فنية بديعة تضم 320 ورقة بخط المحقق، وتزدان بزخارف مذهبة وألوان دقيقة تعكس إسهام المرأة في رعاية العلم والوقف في العصر المملوكي.
كما قدم د. طلعت نماذج من المخطوطات الفارسية التي تناولت قصة يوسف وزليخا، ومنها مخطوط نظمَه نور الدين الجامي (940هـ) وتزينه منمنمات من إبداع مدرسة كمال الدين بهزاد، إضافة إلى مخطوط بستان سعدي الذي جمع جهود سعدي الشيرازي وسلطان علي الكاتب وبهزاد، ويضم مشاهد فنية دقيقة أبرزها لوحة فرار يوسف من زليخا.
وأشار إلى ثراء تصاوير النساء في مجموعات دار الكتب، مستعرضًا لوحة لسيدة تتلقى درسًا في النحو داخل مسجد من مخطوط بستان سعدي، ولوحات فارسية أخرى على النسق المغولي الهندي، بينها مشهد "ليلى والمجنون" ولوحة العازفة "كريشنا" المتوجة بهالة نور.
كما عرض رئيس دار الكتب وثائق نادرة من دار الوثائق القومية، بينها عقد زواج الأميرة نعمة الله هانم ابنة الخديو توفيق من الأمير كمال الدين حسين عام 1904، إضافة إلى التماس نسائي مؤثر في قضية ريا وسكينة عام 1921 يكشف ملامح اجتماعية وتاريخية مهمة.
وأكد د. أسامة طلعت في ختام كلمته أن ما عرضه لا يمثل إلا جزءًا يسيرًا من كنوز دار الكتب والوثائق القومية التي تعكس دور المرأة في مسيرة الحضارة الإسلامية، مشددًا على استمرار التعاون مع مكتبة الإسكندرية لدعم البحث الأكاديمي ونشر الوعي بالتراث العربي والإسلامي.

