لماذا يتأخر الاتحاد الأوروبي في توسيع عضويته وضم دول غرب البلقان؟

منذ أكثر من عشرين عامًا، تقف دول غرب البلقان على أعتاب الاتحاد الأوروبي في انتظار إشارة الانضمام، وعودٌ كثيرة، وإصلاحاتٌ سياسية واقتصادية عميقة، ومفاوضاتٌ لا تنتهي، لكن الباب الأوروبي ما زال مواربًا أمام كلٍّ من صربيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية.
والسؤال المطروح: هل أصبح التوسّع الأوروبي مجرد شعارٍ سياسيٍّ مؤجل؟ أم أن هناك ما هو أعمق من ذلك داخل أروقة القرار في بروكسل؟
الباحث السياسي محمد ربيع أوضح في تصريحاتٍ خاصةٍ لجريدة النهار أن تأخر الاتحاد الأوروبي في اتخاذ خطواتٍ فعلية نحو ضم هذه الدول يعود إلى عدة أسبابٍ معقّدة ومتشابكة، يأتي في مقدمتها أن تلك الدول لم تستوفِ بعدُ كل الاشتراطات المطلوبة للانضمام، سواء كانت اقتصادية أو متعلقة بحقوق الإنسان والحكم الرشيد.
وأضاف أن الأزمات الداخلية التي يمرّ بها الاتحاد، إلى جانب الحرب الروسية الأوكرانية، جعلت بروكسل أكثر حذرًا في التعامل مع ملفات التوسّع، خاصة مع دولٍ ترتبط بعلاقاتٍ متداخلة مع موسكو.
وأشار ربيع إلى أن الحرب في أوكرانيا "أثّرت بصورةٍ كبيرة على أولويات الاتحاد الأوروبي، إذ بات التركيز ينصبّ على الأمن والطاقة بدلًا من توسيع العضوية في الوقت الحالي".
كما لفت إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) كان له أثرٌ واضح في إبطاء الحماسة للتوسيع، بعدما أعاد الاتحاد النظر في طبيعة العضوية وجدوى ضمّ دولٍ جديدة.
وأوضح الباحث أن العاملين السياسي والاجتماعي يلعبان دورًا لا يقلّ أهمية، إذ تخشى بعض الدول الأعضاء من إدخال دولٍ لا تزال تعاني هشاشةً سياسية أو تباينًا ثقافيًا لا يتوافق مع منظومة الاتحاد.
وأضاف: "لا يمكن حصر الأسباب في نقطةٍ واحدة، فالأمر مزيجٌ من اعتباراتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وإداريةٍ متشابكة".
وختم ربيع حديثه قائلًا: "ليس هناك توقيتٌ محدد لانضمام دول غرب البلقان إلى الاتحاد الأوروبي، فالأمر مرهونٌ بالمصلحة الأوروبية ذاتها. فحين يرى الاتحاد أن ضمّ هذه الدول يحقق له فائدةً استراتيجية، سيتحرك فورًا نحو توسيع عضويته. أما الآن، فيبدو أن الأولويات الأوروبية تسير في اتجاهٍ آخر".
في ظل هذا الجمود، تبقى المنطقة ساحةً مفتوحة أمام النفوذ الروسي والصيني، بينما يستمر انتظار دول البلقان على أبواب الاتحاد الأوروبي بلا موعدٍ محددٍ للدخول.

