النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

بلغاريا تشتعل ضد اليورو.. تمرد اقتصادي يهدد قلب الاتحاد الأوروبي

الاحتجاجات في بلغاريا ضد اعتماد اليورو
هالة عبد الهادي -

تتحول شوارع العاصمة البلغارية صوفيا إلى ساحة غضب متصاعد، بعدما اقتحم آلاف المتظاهرين مقر بعثة الاتحاد الأوروبي احتجاجًا على خطة الحكومة لاعتماد اليورو بدلاً من الليف البلغاري. التظاهرات التي استخدم فيها المحتجون الزجاجات الحارقة والطلاء الأحمر، تعكس عمق القلق الشعبي من فقدان السيادة المالية وتزايد الارتياب في نوايا بروكسل.

الاحتجاجات لم تعد اقتصادية بحتة، بل تحوّلت إلى مواجهة رمزية بين الإرادة الشعبية والبيروقراطية الأوروبية. فبينما تؤكد المفوضية الأوروبية أن انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو خطوة حتمية وطبيعية بعد استيفاء المعايير المالية، يرى مواطنون أن بلادهم تُساق قسرًا نحو عملة لا تناسب واقعهم الاقتصادي، وسط تحذيرات من موجة غلاء متوقعة وارتفاع الأسعار كما حدث في تجارب سابقة بدول أوروبا الشرقية.

وفي وقت تروّج فيه الحكومة البلغارية لمكاسب الانضمام مثل جذب الاستثمارات وتقليص تكاليف الاقتراض، يرى معارضون أن الكلفة الاجتماعية والسياسية قد تكون فادحة، خصوصًا في بلد يعاني هشاشة اقتصادية وتفاوتًا طبقيًا حادًا. ويخشى مراقبون من أن تفتح موجة الغضب الباب أمام صعود أحزاب شعبوية تستثمر الخوف من هيمنة بروكسل على القرار الوطني.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي المصري الدكتور محمد العريان إن :"توحيد العملة دون حماية اجتماعية كافية ودون مرونة مالية محلية يجعل الاقتصادات الهشة أكثر عرضة للاضطراب عند أي صدمة خارجية"، مضيفًا أن "الانتقال إلى اليورو يجب أن يرافقه توافق وطني واسع حتى لا يتحول إلى عبء سياسي قبل أن يكون مكسبًا ماليًا".

تحذيرات العريان تنسجم مع المزاج السائد في الشارع البلغاري الذي يرى في المشروع إملاءً أوروبياً لا إصلاحاً وطنياً

وفي ختام المشهد، تبدو بلغاريا اليوم أمام مفترق طرق حاسم بين الانخراط الكامل في المنظومة الأوروبية بما تحمله من التزامات مالية واقتصادية، أو التمسك بهويتها النقدية كرمزٍ للسيادة والاستقلال. وبين ضغوط بروكسل وغضب الشارع، يظل السؤال معلقًا: هل يتحول "اليورو" من حلم أوروبي إلى شرارة تمرد جديدة داخل الاتحاد؟أم تنجح بروكسل في احتواء الغضب قبل أن يمتد إلى أطراف أخرى من القارة؟