جدل حول تدريس اللغة الفرعونية في المدارس… جدوى ثقافية أم رفاهية تعليمية؟

عاد الجدل مرة أخرى حول مقترحات إدراج اللغة المصرية القديمة – أو ما يُعرف شعبيًا بـ"اللغة الفرعونية" – ضمن المناهج الدراسية في المدارس المصرية، وسط تباين واضح بين من يرى في الخطوة إضافة ثقافية مهمة، ومن يعتقد أنها رفاهية لا تتناسب مع متطلبات العصر الحديث.
فبينما تؤكد بعض الأصوات أن تدريس مبادئ اللغة القديمة يمكن أن يعزز ارتباط الأجيال الجديدة بهويتهم وحضارتهم، يرى آخرون أن هذا الطرح يفتقر إلى الجدوى العملية في ظل تغيّر احتياجات سوق العمل وتوسع مجالات التكنولوجيا، إضافة إلى كون اللغة نفسها "ميتة" ولا تُستخدم في أي شكل من أشكال التواصل اليومي.

وتوضح آراء أخرى أن أقصى ما يمكن تقديمه للأطفال هو تعرّفهم على مبادئ اللغة فقط من باب المرح والتثقيف، مثل كتابة أسمائهم بالهيروغليفية أو التعرّف على الرموز الأساسية، معتبرين أن ما هو أبعد من ذلك قد يُثقل العملية التعليمية دون مردود فعلي.
وترى الكاتبة الدكتورة مونيكا حنا عالمة المصريات أن تدريس اللغة الفرعونية بشكل كامل لا يحمل قيمة عملية حقيقية خارج إطار البحث الأكاديمي، وتقول:
"قد يكون لها جدوى معرفية وثقافية محدودة، لكنها تظل لغة ميتة لا تتناسب مع متطلبات العصر الحديث في التكنولوجيا وسوق العمل. أرى أنه من المفيد للأطفال تعلّم مبادئها للعب وكتابة أسمائهم، لكن ما هو أكثر من ذلك يصبح صعبًا وغير لازم."
وفي المقابل، يرى خبراء التراث أن مجرد تعرّف الأطفال على رموز اللغة القديمة يمكن أن يعزز فخرهم بهويتهم الحضارية، ويفتح الباب أمام مهتمين جدد بمجالات المصريات لاحقًا، دون الحاجة إلى تحويلها إلى مادة دراسية كاملة.

ومع استمرار النقاش، يبقى السؤال الأهم: هل يحتاج التعليم المصري إلى إضافة لغات جديدة، أم إلى تطوير أدوات البحث والمهارات الرقمية واللغات العالمية التي يطلبها سوق العمل؟
السجال لا يزال مفتوحًا، لكن اتفاقًا ضمنيًا يبدو قائمًا: اللغة المصرية القديمة كنز ثقافي… لكن تدريسها يحتاج إلى إطار مناسب لا يرهق المدارس ولا يُفقد المعرفة قيمتها.

