النهار
جريدة النهار المصرية

فن

معالى زايد.. كيف جمعت بين التمثيل والفن التشكيلى بإبداع فريد؟

معالى زايد
بسمة رمضان -

تحل اليوم ذكرى رحيل الفنانة الكبيرة معالي زايد، إحدى أهم نجمات السينما والتلفزيون في مصر والعالم العربي، صاحبة الموهبة الاستثنائية والحضور الطاغي، التي تركت بصمة لا تُمحى في قلوب جمهورها وفي ذاكرة الفن المصري.

وُلدت معالي عبد الله أحمد المنياوي، الشهيرة بـ"معالي زايد"، في حي السيدة زينب بالقاهرة يوم 5 نوفمبر 1953، وسط أسرة فنية عريقة؛ فوالدتها هي الفنانة آمال زايد، وخالتها الممثلة جمالات زايد، بينما كان والدها ضابطًا في الجيش المصري، ما منحها تربية تجمع بين الانضباط الفني والروح الوطنية.

درست التربية الفنية بجامعة حلوان وتخرجت عام 1975، ثم التحقت بـالمعهد العالي للسينما لتبدأ رحلتها مع التمثيل، حيث اكتشفها المخرج نور الدمرداش وقدّمها للجمهور عام 1976 في مسلسل "الليلة الموعودة"، لتبدأ بعدها مسيرة فنية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، قدمت خلالها ما يزيد على 90 فيلمًا، و60 عملًا تلفزيونيًا، و6 مسرحيات، جعلتها واحدة من أبرز نجمات جيلها.

تنوعت شخصياتها ما بين المرأة الشعبية والأرستقراطية، الرقيقة والقوية، الصعيدية والحداثية، واستطاعت أن تجسّدها جميعًا بصدق وحس إنساني عميق، بفضل ملامحها المصرية الأصيلة وابتسامتها الدافئة التي أسرَت القلوب.

من أبرز أفلامها: "الشقة من حق الزوجة"، "السادة الرجال"، "سيداتي آنساتي"، "البيضة والحجر"، "قضية عم أحمد"، "كتيبة الإعدام"، "أنا اللي قتلت الحنش"، "الصرخة"، "أبو الدهب"، و"سمك لبن تمر هندي"، كما شكلت مع المخرج رأفت الميهي ثنائيًا فنيًا مميزًا في عدد من الأعمال التي أبرزت عمقها وقدرتها على الأداء المركب.

نال أداؤها في فيلم "السادة الرجال" (1987) إشادة واسعة، حصدت عنه جائزة أحسن ممثلة من جمعية الفيلم، كما فازت بعدة جوائز عن أعمالها التلفزيونية منها "دموع في عيون وقحة" و"الدم والنار"، إلى جانب تكريمها في مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما عام 2007.

في الدراما، كانت معالي زايد علامة مميزة، من "قصر الشوق" و"بين القصرين" إلى "حضرة المتهم أبي" و"ابن الأرندلي"، وكان آخر أعمالها مسلسل "موجة حارة"، الذي قدمت فيه شخصية "دولت" الأم المكافحة، ليكون ختامًا يليق بمسيرتها.

بعيدًا عن الكاميرا، كانت فنانة تشكيلية مرهفة الإحساس، عاشقة للرسم والبورتريه، تمتلك مزرعة صغيرة كانت ملاذها للهدوء والعزلة وبعد رحيلها، أُقيم معرض فني يضم 22 لوحة من أعمالها في متحف محمود مختار، ليكشف جانبًا آخر من إبداعها.

رحلت معالي زايد عن عالمنا في 10 نوفمبر 2014 بعد صراع مع سرطان الرئة، عن عمر ناهز 61 عامًا، تاركة وراءها إرثًا فنيًا وإنسانيًا خالدًا.

وقد خلد جهاز التنسيق الحضاري اسمها ضمن مشروع "عاش هنا" بلوحة تذكارية على منزلها في القاهرة، تقديرًا لعطائها الفني ومسيرتها الثرية.

رحلت معالي زايد، لكن أعمالها ستظل تنبض بالحياة، وشخصياتها ستبقى شاهدة على فنانة مصرية نادرة جمعت بين الموهبة والصدق والإنسانية.