النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

كيف شكل معدن «الأنتمون» محور المنافسة العالمية بين واشنطن وبكين؟

ترامب
كريم عزيز -

تحول جديد شهدته ولاية ألاسكا التي كانت يومًا أرض الاندفاع نحو الذهب، حيث طفت إلى ساحة جديدة للبحث عن موارد أكثر أهمية من الذهب نفسه، وهو معدن الأنتمون، أحد العناصر النادرة التي أصبحت محورًا في المنافسة العالمية بين واشنطن وبكين، مع تصاعد حاجة الولايات المتحدة إلى المعادن الحيوية التي تدخل في الصناعات الدفاعية والتكنولوجية الحساسة.

وفق تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أكدت أن شركات التعدين الأمريكية والغربية تتسابق حاليًا لاستكشاف رواسب «الأنتمون» في ألاسكا، وهو معدن لطالما أُهمل سابقًا، لكنه يعد اليوم عنصرًا أساسيًا في الصناعات العسكرية، خاصة في تصنيع الرصاص المقوى والذخائر الخارقة للدروع، وفي أحد مواقع التعدين شمال الولاية، كان الجيولوجي الأمريكي رود بلاكستاد يقف أمام صخرة لامعة من الكوارتز، وهو ما كان يعني وجود الذهب بداخلها، لكنه ألقاها جانبًا، قائلًا إن هدفهم الآن ليس الذهب، بل ذلك المعدن النادر الذي يثير شهية الصناعات الدفاعية الأمريكية.

وقال بلاكستاد: «لو كنا نبحث عن الذهب لكنا الآن نحتفل.. لكن ما نريده أهم من ذلك بكثير»، وحتى وقت قريب، كان المنقبون الأمريكيون يتعاملون مع «الأنتمون» باعتباره نفايات تُلقى جانبًا في أثناء التنقيب عن الذهب، لكن الوضع تغير جذريًا منذ أن بدأت الصين في فرض قيود على تصدير المعادن الحيوية، ضمن إجراءاتها المضادة في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

ومع تضييق الصين صادراتها، ارتفعت أسعار الأنتمون أربعة أضعاف خلال عامين، ما وضع الصناعات الدفاعية الأمريكية في مأزق، خاصة مع استنزاف مخزون الذخيرة بفعل الحربين في غزة وأوكرانيا، وبحسب موقع «أوبزفر» الصيني، فإن بكين تُنتج نحو 60% من الإمدادات العالمية من «الأنتمون»، بينما يأتي الباقي من روسيا وطاجيكستان وميانمار، وأعلنت واشنطن وبكين نهاية أكتوبر المنصرم تمديد فترة التهدئة التجارية عامًا آخر، وقال البيت الأبيض أن الصين ستستأنف تصدير«الأنتمون» وبعض المعادن الحيوية، إلا بكين لم تؤكد ذلك رسميًا.

ويرى خبراء الصناعة أنه من غير المرجح أن تعود الإمدادات إلى مستوياتها السابقة في المدى القصير، خصوصًا في القطاعات العسكرية، ما يبقي الأسعار العالمية مرتفعة، ويُنظر اليوم إلى «الأنتمون» باعتباره حجر اختبار لقدرة الولايات المتحدة على ترميم سلاسل إمدادها المتضررة، فبعد عقود من غيابها عن قائمة الدول المنتجة للمعدن، بدأت الشركات الأمريكية بإعادة تشغيل مناجم قديمة في ألاسكا وأيداهو، لم تستخرج منها أي كميات منذ القرن الماضي. وبحسب صحيفة North of 60 Mining News، لم تشهد ألاسكا إنتاجًا لهذا المعدن منذ ما يقرب من 40 عامًا.

سبق أن أعلنت وزارة الحرب الأمريكية البنتاجون تخصيص 43 مليون دولار لدعم أحد مشروعات «الأنتمون» في ألاسكا، في إطار خطتها لتقليل الاعتماد على الإمدادات الخارجية، كما منحت شركة أميركان أنتموني عقدًا بقيمة 245 مليون دولار لتوريد المعدن الخام لصالح المخزون الدفاعي الإستراتيجي، إلا أن الشركة تواجه تحديًا أساسيًا في الحصول على المورد نفسه داخل الأراضي الأمريكية، بعد أن أوقفت عملياتها في المكسيك العام الماضي بسبب تدهور الوضع الأمني هناك. ومن ثم بدأت بالتركيز على التنقيب في ألاسكا، حيث حصلت على حقوق استغلال مناجم قرب مدينة فيربانكس، وسط مؤشرات جيولوجية تفيد بوجود رواسب واعدة من الأنتمون في طبقات كانت تستخرج منها كميات من الذهب سابقًا.