أحمد سعد الدين لـ”النهار”: من يفهم قيمة ايقونة الجمال ”شريهان” هم فقط من عاشوا زمنها

في لحظةٍ امتزج فيها الخيال بالواقع، بدت شريهان كأنها عروس البحر الخارجة من أعماق الحكايات، طلت بخطواتٍ حالمة بين الأضواء والنغمات، لتتّحد مع سحر المكان في لوحةٍ لا تُكرّرها الأيام.
تألّقت كأنها قطعة أثرية نُسجت من الضوء والذكريات، تحمل بين عينيها عبق الماضي وبريق الفن الذي لا يشيخ، فغدا حضورها حدثًا يُشبه المعجزة وسط أجواءٍ احتفالية جمعت بين عبق التاريخ ونبض الحاضر.
ظهرت النجمة شريهان في افتتاح المتحف المصري الكبير، بإطلالةٍ لافتة أعادت للأذهان بريق زمن الفن الجميل، لتصبح حديث الناس بين مُعجبٍ ومُنتقد، فريق رأى في حضورها تكريمًا مستحقًا لأيقونة صنعت مجد الاستعراض المصري، ورمزًا للفن الحقيقي الذي لا يُنسى، بينما تساءل آخرون عن سبب وجودها، معتبرين أن الزمن تغيّر وأن لكل عصر نجومه.
لقد كانت عودة شريهان إلى الأضواء في لحظة وطنية بحجم افتتاح المتحف المصري الكبير حدثًا يحمل رمزية خاصة، فالمكان يحتفي بجذور الحضارة، وهي تمثل أحد رموز الإبداع المصري المعاصر، حضورها لم يكن مجرد ظهورٍ فني، بل رسالة تقدير لتاريخٍ من الفن والإصرار، لامرأة واجهت المرض والابتعاد ثم عادت لتؤكد أن البريق لا يُطفأ بالسنين، وربما كان اختلاف الأجيال في استقبال هذا الظهور انعكاسًا طبيعيًا لتغيّر الذوق العام ووسائل التعبير، لا انتقاصًا من قيمتها ولا من حب جيلٍ كامل لها.
لكن يبقى السؤال:
هل يُمكن إنكار أن شريهان ما زالت قيمة فنية كبيرة تملك سحر الحضور وجمال التاريخ؟

صرّح الناقد الفني الكبير أحمد سعد الدين لجريدة النهار قائلًا:
"هذه مشكلة كبيرة للغاية، فإن جيل ما فوق الأربعين يختلف تمامًا عن جيل ما تحت الثلاثين، لافتًا إلى أن الجيل الأكبر يرى في شريهان فتاة الأحلام وأيقونة الجمال والاستعراض والرقص، بينما الجيل الذي وُلد في التسعينات لم يشاهد أعمالها ولم يعِ زمنها الذهبي، وهذه هي المعضلة الحقيقية اليوم.
وتابع سعد الدين: أذكر أنه يوم افتتاح المتحف المصري الكبير، كنا نشاهد الإحتفال مع أولاد إخوتي وبعض أصدقائهم من الشباب، وحين ظهرت شريهان في البداية قالوا بانبهار: "الله، شريهان"، ولكن عندما وقفت في منتصف المسرح دون أن تتحرك كثيرًا، قال أحدهم متسائلًا: "هل هي أصلًا تعرف ترقص؟".
حينها لم أضحك، لأنني أدركت أن هذا الجيل لا يعرف من هي شريهان، ولا يدرك تاريخها ولا ما مثّلته لنا، هذه ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها لهذا النوع من المواقف، فاليوم نُقدم لجيل جديد رمزًا لم يشهده، وربما لا يفهم معناه،
ختامًا، من يقدّر وجود الأيقونة شريهان وظهورها هم فقط من عاشوا زمنها، جيل ما فوق الأربعين عامًا، الذين يعرفون قيمتها الحقيقية في تاريخ الفن المصري.


