النهار
جريدة النهار المصرية

ثقافة

ثلاثية تحقيق حلم المتحف الكبير.. ”أفكار فاروق ودعم مبارك وإرادة السيسي”

محمد فوزى -

تابعت أنظار سكان العالم من مختلف القارات بانبهار وإعجاب شديدين حفل افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر الجاري، خلال احتفالية مهيبة شهدت حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعدد من الملوك و الرؤساء وقادة العالم، الذين أثنوا على عظمة المتحف وروعة هندسته المعمارية وما يضمه من كنوز فرعونية نادرة.

وفي بادرة طيبة تحمل كثيرًا من العرفان والتقدير، ألقى وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني كلمة افتتاح حفل المتحف المصري الكبير، والتي كانت قد سجلت قبلها بعدة أيام، ولاقت الكلمة استحسانًا واسعًا من الجمهور، خاصة أن فاروق حسني يعد مهندس فكرة المتحف المصري الكبير وصاحب حلم إنشائه، الذي تحقق بدعم غير محدود من الرئيس الأسبق الراحل محمد حسني مبارك، وبمساندة كبيرة من دولة اليابان، فكيف جاءت فكرة إنشاء المتحف من الأساس؟

بداية الحلم
جاءت فكرة المتحف المصري الكبير صدفة، لكنها تحولت إلى حلم مصري عالمي.
يروي فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، أن البدايات كانت خلال عشاء في معهد العالم العربي بباريس، حين سأله صديقه المعماري الإيطالي فرانكو فيرايتشي بسخرية:
"وماذا ستفعلون بذلك المخزن في التحرير؟" في إشارة إلى المتحف المصري القديم، ما أثار حماس الوزير الأسبق، والذي رد مندفعاً "سنقيم أكبر متحف في العالم عند الأهرامات".

كانت تلك الجملة الشرارة الأولى لحلمٍ امتد أكثر من عقدين، تحول خلالها الخيال إلى صرح حضاري يدهش العالم، يقف اليوم شامخًا عند سفح الأهرامات، شاهدًا على عبقرية المصريين وقدرتهم على تحويل فكرة إلى معجزة.

وأشار حسني إلى أنه عرض الفكرة لاحقاً على الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي أبدى اهتماماً بها، واصطحبه مع المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع آنذاك، إلى موقع رملي تمت معاينته ميدانياً، وبعد هذه الجولة، تم اختيار موقع آخر في منطقة "كفر الحج غطاطي" وهو الموقع الحالي، والذي تبين أنه أكثر ملاءمة للمشروع من الموقع الأول.


بداية التنفيذ
وأوضح فاروق حسني أن المراحل الأولية للمشروع استغرقت وقتًا طويلًا؛ فبعد الإعلان عن الفكرة عام 1992، بدأت الدراسات التمهيدية التي امتدت لنحو ثمانية أعوام، تلتها دراسة جدوى شاملة استغرقت أربع سنوات، وجرى إعدادها في ثمانية مجلدات بتكلفة بلغت 4 ملايين دولار تحملتها الحكومة الإيطالية دعمًا للمشروع.
وأضاف أن العمل تواصل بإعداد كراسة الشروط المرجعية على مدى عام ونصف، أعقبها عام كامل لاختيار الجهة المنفذة، حيث تقدّم للمنافسة نحو 1557 مكتبًا استشاريًا من مختلف دول العالم — وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المشاريع المعمارية الكبرى.
كما كشف حسني عن تلقي المشروع دعمًا من دولة اليابان بقيمة 300 مليون دولار لبدء تنفيذ أعمال المتحف، وهو ما تحقق بالفعل، غير أن أحداث ثورة يناير 2011 حالت دون استكماله للمهمة، رغم أنه وصف المتحف بأنه أهم وأبرز مشروع ثقافي عالمي في القرن الحادي والعشرين.


تحقيق الأحلام
وفي فبراير 2016، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهاته إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتولي متابعة مشروع المتحف المصري الكبير، والعمل على استكماله وتسريع وتيرة تنفيذه لتعويض ما فات من الوقت، بعد أن امتدت مراحل الإنشاء لسنوات طويلة.
ومنذ ذلك الحين، تواصلت الجهود حتى أعلن عن الانتهاء من الأعمال الإنشائية بالكامل، وبدأ الافتتاح التجريبي للمتحف الذي استمر عدة أشهر، قبل أن يُعلن عن الافتتاح الرسمي في الأول من نوفمبر في حدثٍ وصفه المراقبون بأنه ذروة الحلم الثقافي المصري الحديث.


إرث من الإبداع والإرادة
واليوم يقف المتحف المصري الكبير شاهدًا على رؤية ثاقبة وإصرار مصري بدأ بفكرة أطلقها الفنان فاروق حسني، وتبناها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لتتحول من مجرد حلم ثقافي إلى أعظم صرح أثري في العالم.
واليوم، ومع اكتمال الحلم وافتتاح المتحف في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتجسد ثلاث مراحل من الإرادة المصرية في فكرة فاروق حسني، ودعم حسني مبارك، وتحقيق "السيسي" وهي سلسلة ممتدة من الإخلاص والإنجاز جعلت من المتحف المصري الكبير أيقونة حضارية خالدة تروي للعالم قصة مصر التي لا تنتهي.