النهار
جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: صبر مصر قد نفد

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
-

ما يحدث في الفاشر في دارفور السودان، من إبادة جماعية واغتصاب جماعى تجاوز كل الحدود، بعد أن وصل الأمر إلى مقتل 3 آلاف رجل وامرأة وطفل، خلال ساعات قليلة، والأخطر اغتصاب جماعي بصورة وحشية تعرض لها النساء في السودان، بل وصل الأمر أن خرج أبو لولو «الفاجر»، مرتكب أغلب هذه الجرائم، يفتخر بأنه قتل واغتصب وذبح أكثر من 1000 شخص، وها هي المحكمة الجنائية الدولية قد خرجت علينا لتقول إن هذه الجرائم قد ترقى لجرائم حرب وسيتم التحقيق فيها!
من وراء «الدعم السريع» في السودان؟
وما الدول التى تحركها وتدعمها؟
وكيف وصلت كل هذه الأسلحة البريطانية المتقدمة من مسيّرات وصواريخ وطائرات إليهم؟

هذا لغز محير، ولكنني أعتقد أن المقصود من ذلك ليس دارفور فقط ولكن الأمن القومي المصري، فما لم يستطيعوا تحقيقه في غزة يريدون تحقيقه في السودان، ونحن والسودان شعب واحد.
ولا ننسى من كان وراء فصل شمال السودان عن جنوبه، فهذه كانت بداية الانقسام الحقيقي في السودان ومحاولات اختراق الأمن القومي المصري.
لا بد أن تتحرك مصر وتستخدم القوة، حتى يعرف الجميع أن صبر مصر قد نفد، وأن الحوارات والمفاوضات مع العصابات لن تجدي كما هى مع بعض الدول التى تصر على تهديد الأمن القومي المصري.
إن الشعب السوداني العظيم يدفع فاتورة خيانة بعض الأنظمة العربية والإفريقية ومحاولات الاستيلاء على مناجم الذهب والعطايا الربانية من ثروات حيوانية وأراض زراعية هي الأجود على مستوى العالم.
إلى متى يستمر هذا الوضع الذى جعل الشعب المصري ينتفض مع أهلنا في السودان كما انتفض مع أهلنا في غزة؟!
فلا للإبادة الإنسانية الجماعية.
ولا لاغتصاب سيدات السودان الشريفات.
ولا لتجويع الشعب السوداني مثلما حدث في غزة.
ولا لقتل الأطفال بدم بارد من قبل حميدتي وأي حميدتي آخر في المنطقة
.
• • •

ونحن نحتفل بافتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر متحف آثار في العالم، هزتني صور الفراعنة العظماء الذين صنعوا الأمجاد تلو الأمجاد، وسلموا الراية للأجيال المصرية العظيمة في مصر الحديثة، فشيدوا هذا المتحف الذي سيظل علامة مضيئة في تاريخ البشرية والإنسانية.
والصورة التى توقفت عندها والمعنى الذى تحمله هى صورة الحضارة الفرعونية التى بُنيت على ضفاف نهر النيل؛ فكان النيل هبة الله لها وكان هو أكسجين الحياة للمصريين.
وتجسدت عبقرية المصريين القدماء منذ تحتمس في الإدراك التام لأن أمن مصر القومي يبدأ من منابع النيل في الحبشة (إثيوبيا حاليًّا).
وها هو اليوم آبي أحمد يتلاعب بالنيل عبر سد النهضة ويحاول من خلال دعم الموساد الإسرائيلي أن يُغرق مصر بفيضانات حتى يحقق الهدف الأساسي لهم، وهو أن تتحول مصر من (هبة النيل) إلى (ضحية غرق النيل).
لقد تخيل آبي أحمد أن القضية انتهت بعد الانتهاء من بناء المرحلة الرابعة من سد النهضة، ولكنه لم يدرك أن صبر مصر قد نفد، وهذا ما ظهر من خلال رسالة رئيس الجمهورية التى قال فيها إننا لن نسمح لأحد بأن يعبث بمياه النيل، وكذلك رسالة وزير الخارجية أننا استنفدنا كل القنوات القانونية ولجأنا إلى مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي وحتى أمريكا، ولكن المخطط الإثيوبي ما زال مستمرًّا.
وفوجئنا مؤخرًا بالإعلان العجيب والشاذ من آبي أحمد بأن إثيوبيا تستعد لبناء سد جديد، وهو ما يؤكد أن الهدف من هذه السدود هو مصر أولًا والسودان أولًا أيضًا.
فلذلك كنت وأنا نائب في البرلمان من الداعمين والمؤيدين لتوجيه ضربة لسد النهضة، لأن العالم لا يحترم إلا لغة القوة، ومياه النيل بالنسبة للشعب المصري هي مسألة وجود وحياة ولا يمكن أن يعبث بها آبي أحمد الذي قدمنا له كل الدعم في إقامة السد في البداية عندما كان الغرض المعلن هو التنمية وتوليد الكهرباء للشعب الإثيوبي، ولكن عندما وضحت النوايا وقف الشعب المصري والدولة المصرية بكل قوة أمام محاولات العبث في مياه النيل التى يقوم بها آبي أحمد خاصة بعد الدعم اللوجستي من الموساد الإسرائيلي، وللأسف الشديد من بعض الدول العربية أيضًا.
يظن آبي أحمد أنه قد حقق الهدف وأن مصر أصبحت أمام الأمر الواقع ولكنه لا يستوعب ولا يفهم أن مصر جاهزة جدًّا وأكثر مما يتوقع لإغراق إثيوبيا بسدها أو سدودها وإغراق كل من يخطط لها أيضًا، لأن الكيل قد طفح، وصبر الشعب المصري قد نفد، والصورة اكتملت وأصبحت واضحة للعيان، أن هدف إثيوبيا أنه إذا لم يكن هناك جفاف في مصر بسبب السد فليكن هناك إغراق، وفي الحالتين لن تسكت مصر وسيدفع آبي أحمد والشعب الإثيوبي الثمن غاليًا.
فرسائل افتتاح المتحف المصري الكبير أننا أردنا السلام وأنتم لا تريدون هذا السلام، ولكننا جاهزون للحرب إذا فُرضت علينا.
وأخيرًا أقولها بأعلى صوت من أعلى مئذنة في قاهرة المعز: احذروا، فإن صبر مصر الاستراتيجي قد نفد، ولا تلومن إلا أنفسكم.