راشد: 8 ملايين زائر سنويًا يحركون طفرة في التطوير العقاري حول المتحف الكبير

قال الدكتور محمد راشد إن افتتاح المتحف المصري الكبير لا يُعد مجرد حدث ثقافي ضخم أو إنجاز معماري عالمي، بل يمثل تحولًا استراتيجيًا في بنية التنمية العمرانية والاقتصادية بمصر، ونقطة ارتكاز جديدة ضمن رؤية مصر 2030 التي تستهدف تحقيق توازن جغرافي وتنموي شامل بين الشرق والغرب، وتحويل القاهرة الكبرى إلى عاصمة متعددة الأقطاب تجمع بين التاريخ، والإدارة، والسياحة، والتنمية المستدامة.
وأضاف راشد في تصريحات خاصة لـ «النهار»، الدولة المصرية وضعت منذ عام 2016 خريطة تنموية واضحة تعتمد على توزيع التنمية شرقًا وغربًا لتفادي التمركز الأحادي في قلب القاهرة، فبينما يمثل التوسع الشرقي — عبر العاصمة الإدارية الجديدة، والعين السخنة، وطريق السويس — مركز الإدارة الحديثة، والحكومة الذكية، والخدمات اللوجستية المتقدمة، فإن التوسع الغربي — من الأهرامات إلى 6 أكتوبر والشيخ زايد — أصبح اليوم مركزًا للسياحة والثقافة والاستثمار العقاري السياحي والتجاري، يقوده المتحف المصري الكبير كأيقونة عالمية.
وأضاف أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيخلق موجة استثمارية جديدة في غرب القاهرة تمتد من الجيزة حتى محور 26 يوليو، ومدينة 6 أكتوبر، مرورًا بالمناطق المجاورة للطريق الدائري الإقليمي، موضحًا أن توقعات وزارة السياحة تشير إلى استقبال المتحف ما بين 6 إلى 8 ملايين زائر سنويًا خلال أول ثلاث سنوات من التشغيل الكامل، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على ارتفاع الطلب على الفنادق، والمطاعم، والمراكز التجارية، والخدمات اللوجستية والسكنية.
وأشار الدكتور راشد إلى أن هذا الزخم السياحي والاقتصادي سيخلق فرصًا استثمارية واسعة أمام المطورين العقاريين والمستثمرين المحليين والدوليين، خاصة في القطاعات التي لم تكن محل تركيز سابق مثل العقارات الفندقية، والمشروعات المختلطة (Mixed-Use)، والمراكز الثقافية والخدمية، مؤكدًا أن مصر تدخل مرحلة جديدة من الاستثمار المتكامل الذي يجمع بين البنية التحتية، والمردود الثقافي، والعائد الاقتصادي.
وأوضح أن البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تُظهر أن نسبة الإشغال الفندقي في منطقة الجيزة والهرم ارتفعت إلى 75% خلال الربع الثالث من عام 2025 مقارنة بـ60% في العام الماضي، وأن حجم الاستثمارات الحكومية في تطوير البنية التحتية غرب القاهرة تجاوز 120 مليار جنيه خلال الثلاث سنوات الأخيرة، تشمل تطوير الطرق، ومحاور المونوريل، وتوسعة المرافق المحيطة بالمتحف الكبير، في حين بلغت الاستثمارات الحكومية شرق القاهرة والعاصمة الإدارية نحو 180 مليار جنيه، مما يؤكد أن الدولة تمضي في خطة توازن عمراني حقيقية بين الشرق والغرب.
وأضاف الدكتور محمد راشد أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيعيد رسم خريطة الطلب العقاري في القاهرة الكبرى، مشيرًا إلى أن هناك تحولًا تدريجيًا في مراكز الجذب السكاني والاستثماري من شرق القاهرة نحو الغرب، بفضل تحسن الربط عبر شبكات النقل الحديثة، مثل مونوريل السادس من أكتوبر، والطريق الدائري الأوسطي، ومحور 26 يوليو الجديد، مما يجعل الاستثمار في غرب القاهرة خيارًا استراتيجيًا طويل المدى.
وأشار إلى أن التوسع الغربي لا يلغي الزخم الشرقي، بل يكمله، وأن الدولة تسعى إلى خلق محور مزدوج للتنمية؛ شرق العاصمة الإدارية كمركز للإدارة والسياسات والحوكمة الرقمية، وغرب المتحف الكبير كمركز للسياحة، والضيافة، والاقتصاد الثقافي، وبذلك تتحقق معادلة مصر 2030 في توزيع التنمية دون مركزية مفرطة، مع الحفاظ على الترابط الاقتصادي والاجتماعي بين أقطاب القاهرة الكبرى.
وأكد أن القطاع العقاري سيكون المستفيد الأكبر من هذا التوازن الجديد، متوقعًا أن تتجاوز الاستثمارات الخاصة في نطاق المتحف والأهرامات و6 أكتوبر 50 مليار جنيه خلال خمس سنوات، موزعة بين الفنادق، والمنتجعات، والمولات التجارية، والشقق الفندقية، والمشروعات الخدمية، وأن هذا التحول سيُعيد صياغة هوية السوق العقارية المصرية لتصبح أكثر تنوعًا واستدامة.
وفي سياق متصل، شدد راشد على أن المرحلة المقبلة تتطلب تبني معايير البناء الأخضر والمدن المستدامة في جميع المشروعات الجديدة، خاصة في المناطق المحيطة بالمتحف الكبير، لتتماشى مع التوجه العالمي نحو الاقتصاد الأخضر، وتقليل الانبعاثات، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه.
وأكد أن اللجنة التنفيذية للبناء الأخضر والمدن المستدامة تعمل حاليًا على إعداد خطة عمل متكاملة لتعزيز التحول نحو المشروعات الذكية والصديقة للبيئة في القطاعات العقارية والسياحية.
واختتم الدكتور محمد راشد تصريحاته قائلًا: “إن المتحف المصري الكبير ليس فقط مشروعًا أثريًا عالميًا، بل هو نقطة انطلاق لعصر جديد من التوازن العمراني والتكامل التنموي بين الشرق والغرب، ويمثل تطبيقًا عمليًا لرؤية مصر 2030 التي تقوم على تحقيق الاستدامة، والعدالة المكانية، وتعظيم القيمة المضافة لكل متر من أرض مصر.
نحن أمام لحظة فارقة.. حيث يتحول التاريخ إلى استثمار، والحضارة إلى تنمية، والهوية المصرية إلى قوة اقتصادي

