النهار
جريدة النهار المصرية

منوعات

«جنون الذهب» يؤثر على «شبكة العروس»

نسمه غلاب -
خبراء: «بلاها ذهب» والأولوية لتأمين مسكن آمن للزوجين
تُعد «الشبكة» وشراء الذهب للعروس عند الخطوبة والزواج خطوة أساسية لدى الكثيرين ضمن الطقوس والعادات الثابتة في مراسم الزواج، لكن هذا العُرف أصبح يواجه تحدياً غير مسبوق مع الارتفاعات الجنونية المتتالية في أسعار الذهب، وعلى رأسه الذهب عيار 21، الأكثر شيوعاً في هذه المناسبات.
في ظل ارتفاع أسعار المعدن الأصفر النفيس والذي سجل ارتفاعا غير مسبوق في مصر حيث قارب عيار الـ 21 حدود الـ 6الآف جنيه، وبلغ سعر الذهب عيار 24 الـ6600 جنيهًا، وسجل سعر جرام الذهب عيار 18 نحو 4928 جنيهًا، وأمام هذه الأسعار الفائقة لم يعد شراء «شبكة الخطوبة» أمرا يسيرا على أغلب الشباب والمقبلين على الزواج، ليجد المقبولين على الزواج أنفسهم أمام معادلة صعبة، فإما تقليل جرامات وعيارات الشبكة لإرضاء العادات والتقاليد، أو التخلي تماما عنها والاستقرار على عدم شراء الذهب واستبدالها بالفضة تماشيا مع أوضاعهم الاقتصادية.
«بلاها ذهب» هشتاح يغزو منصات التواصل الاجتماعي
تساؤلات عدة تصدرت الرأي العام ومنصات التواصل الاجتماعي بعد زيادة أسعار الذهب الجنونية، تجدد ظهور هشتاج «بلاها ذهب»، والذي يهدف إلى تشجيع العرائس والمقبلين على الزواج على التخلي عن شراء الذهب، وسط دعوات وحملات توعوية تنادي بالتخلي وعدم التقيد بشراء المصوغات الذهبية عند الزواج والتخفيف في تكاليف وأعباء الزواج والتيسير على الشباب، وعدم الارتباط بالعادات والأعراف التى تلزم العريس في العديد من المناطق المختلفة وخاصة في الأرياف والصعيد بشراء شبكة غالية كمهر للعروس، واصفين هذا الأمر بأنه غير ضرورى والأهم البحث عن الجوانب الأهم من حيث اختيار شريك الحياة المناسب والاخلاق والقدرة وتلبية متطلبات الحياة الأساسية التي تضمن استقرار الحياة الزوجية.
أراء المواطنين في التخلي عن شراء الشبكة الذهب
أجرى« النهار» جولة ميدانية واستطلعت أراء عدد من المواطنين حول إمكانية التخلي عن الشبكة والزواج بدون ذهب أو استبدالها بالفضة، حيث تنوعت آراء الناس حول شراء الذهب للعروس بين كونه عادة تقليدية، ومصدرًا للجدل بسبب تكلفته.
يرى البعض أنه شبكة العروس جزء ضروري من التقاليد والاحتفالات، بينما يرى الأغلبية أن شراء الذهب ليس بالضروري بل يجب الاقتصار على الدبلة فقط وإضافة خاتم حسب إمكانات الشاب.
وقال عبد الرحمن محمود يبلغ من العمر الـ27 عاما، إن «شراء الشبكة الذهب » وغيرها من العادات المصرية المتوارثة ، لكن في ظل الظروف الاقتصادية وغلاء أسعار الذهب، أصبح شراء الشبكة أمرًا ليس يسير على الكثير من الشباب، متخلين عن تلك العادة القديمة وتابع : الزواج مش شبكة ومهر الأهم التوافق والأخلاق والاستقرار وحسن الاختيار بين الطرفين والتوافق العاطفى والفكري.
ومن جانبها قالت أم زياد أن الزواج اساسا يقوم على العلاقة الطيبة قبل الأموال والشقة والشبكة والمهر وغيرها، واكدت انها ليست مع المغالاة علي الشباب وتيسر أمور الزواج الحلال لتقليل العنوسة وسط مطالب واحلام وردية لا يستطيع الشباب تلبيتها وتحقيقها في ظل الغلاء والظروف الاقتصادية، وتابعت: لو بنتى هوافق اجوزها بدون شبكة كبيرة ونكتفى بدبلة واختتمت حديثها : اهم حاجة في الجواز أن الزوج يكون على قدر المسؤولية ويراعى ربنا في زوجته ويكون ما بينهم حب ومودة دا اللي هيخلي الحياة الزوجية تنجح وليس الشكليات.
وأضافت أنه لا داعى لغلاء المهور، وليس هناك ضرورة لأشياء كثيرة مع بداية الزواج، وكل هذا لا يقلل من قيمة العريس أو العروس، لكن لابد من اختيار الأساسيات فقط وتكفى لكل منهما الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح ، فالذهب الحقيقى هو البيت المستقر والزوج الصالح فالسعادة والاستقرار أساس الزواج فعلا وليس الأموال أو الذهب.
«الذهب الصيني» بديلا عن التقليدي
رجح العديد من المواطنين استبدال الذهب بفكرة شراء «الذهب الصيني»، بعد انتشاره بتصميمات متنوعة ومتميزة في مختلف الأسواق والمحلات التجارية، ليشكل بديلا أرخص للمعدن الأصفر.
خبراء: تغير التقاليد والعادات وإعطاء الأولوية لتأمين مسكن آمن ومستقر للزوجين
تواصل« النهار» مع خبراء ومتخصصين للبحث والتفتيش في إمكانية الاستغناء عن شراء الذهب والحُلى ضمن مراسم الارتباط والزواج، وطرح حلولا بديلة لـ«لشبكة الذهب» في ظل صعود اسعار الذهب إلى أعلى مستوياته، وما هو دور المجتمع في تقبل الزواج دون ذهب، والتيسير على الشباب في الزواج والارتباط.
وقال الدكتور "أحمد فخري" أستاذ علم النفس والاجتماع، إن ارتفاع المهور والمغالاة والتقيد بشراء الذهب ضمن مراسم الزواج لدى العديد من المناطق والمغالاة في تكاليف الزواج، كل هذه الامور تؤثر سلبا على اقدام الزواج على الشباب وتعد بمثابة عائق لتحقيق حلم الارتباط وإقبال الشباب الزواج وارتفاع نسب العنوسة، ما يؤدي إلي الإصابة بالاحباط وتغيرات الحالة النفسية والشعور بالعجز لعدم قدرته على شراء شبكة باهظة مقارنة بحالته المادية .
وأشار خبير علم النفس والاجتماع إلى أن شراء «الشبكة» تعد بمثابة هدية دون شروط أو تقيد، ترجع للتوافق والاتفاق بين الطرفين، الذي يخضع وفق الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الزوجان، والتقاليد الموروثة في بيئة الزواج، موضحاً أن التمسك بشراء كميات كبيرة من الذهب لا يزال قائماً في بعض المناطق، وفي المقابل هناك قطاع متزايد بدأ في التنازل عن الكميات، وإعطاء الأولوية لتأمين مسكن آمن ومستقر للزوجين.
وأوضح خبير علم الاجتماع إلى أن التقاليد والعادات الاجتماعية تكبل الشباب بالضغوط، من خلال إلزامهم بشراء «شبكة ذهب» رغم أنها في الأساس أفكار وعادات خاطئة «عفا عليها الزمان»، يجب التحرر منها فالزواج مودة ورحمة واستقرار، لا تقاس بالذهب والمشغولات والشكليات، وانما ما هي إلا شكليات يجب عدم التقيد بها وترك الأمر كله حسب مقدرته المالية.
وأكد «فخرى» على ضرورة تنظيم حملات توعوية للطبقات، للتغير من المفاهيم الخاطئة ونمط التفكير التقليدي حول الزواج، والتركيز على الجوانب الأساسية، مشيرا إلى دور الحملات الإلكترونية والاجتماعية التي ظهرت خلال السنوات الماضية وطالبت بالاستغناء عن الشبكة الذهبية، أو البحث عن بدائل.
ومن جانبها قالت الدكتورة "إيمان الريس" استشاري العلاقات الأسرية في تصريحات لـ«النهار» ، إن ارتفاع أسعار الذهب أصبحت مشكلة اجتماعية تؤثر في بنية الأسرة والمجتمع، والحل الحقيقي يكمن في تغيير الثقافة السائدة حول المظاهر، والعودة إلى البساطة والتفاهم، لأن قيمة الزواج ليست بما يُشترى، بل بما يُبنى.
وأقترحت خبير العلاقات الأسرية أن الحلول والبدائل المقترحة لتخفيف العبء أمام جنون أسعار الذهب، حيث من الممكن أن يتم الاتفاق على "شبكة رمزية": يمكن أن تكون قطعة بسيطة من الذهب أو فضة كتعبير رمزي فقط، مع توجيه المبالغ الأكبر لتجهيز بيت الزوجية أو تأسيس مشروع صغير للأسرة الجديدة.
وأكدت على ضرورة تغير مفهوم المجتمع لدى الشبكة فهي ليست المأمن للزواج وانما يجب النظر لجوانب آخرى ذات أهمية من خلال حُسن الاختيار، وتغيير المفهوم الاجتماعي ونشر الوعي بأن قيمة الزواج ليست في مقدار الذهب، بل في التفاهم والاستقرار وبناء حياة مشتركة.
وحثت على أهمية إطلاق مبادرات مجتمعية: مثل مبادرات “زواج بدون شبكة” أو “شبكة رمزية”، التي بدأت تنتشر بالفعل في بعض المحافظات لتيسير الزواج، ونوهت إلى ضرورة دعم الدولة أو المؤسسات الأهلية، من خلال برامج لمساندة الشباب في الزواج أو تقديم تسهيلات مالية بديلة بدلًا من الالتزامات التقليدية المُكلفة.