النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

ترامب يوسّع سياسة الترحيل.. اتفاق جديد مع بيليز لاستضافة مهاجرين مؤقتًا

مهاجرين من الولايات المتحدة الأمريكية
هالة عبد الهادي -

أعلنت حكومة بيليز، أنها أبرمت اتفاقاً مع الإدارة الأميركية يقضي باستضافة مهاجرين مرحّلين من الولايات المتحدة على أراضيها مؤقتاً، إلى حين الانتهاء من دراسة طلبات اللجوء الخاصة بهم. ويُعد هذا الاتفاق جزءاً من استراتيجية أميركية جديدة تهدف إلى تخفيف الضغوط المتزايدة على نظام الهجرة الأميركي، في ظل تصاعد أعداد المهاجرين عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك.

وجاء في بيان رسمي نشرته حكومة بيليز عبر صفحتها على "فيسبوك" أن الاتفاق يسمح لواشنطن بإرسال طالبي اللجوء إلى بيليز، باعتبارها "دولة ثالثة آمنة”"، لمدة تمتد لعامين قابلة للتجديد، موضحة أن تطبيق الاتفاق مرهون بموافقة مجلس الشيوخ في بيليز قبل دخوله حيّز التنفيذ.

ولم تُنشر بعد التفاصيل الكاملة للاتفاق، لكن مصادر حكومية أشارت إلى أنه ينص على توفير مراكز مؤقتة لإيواء المهاجرين تحت إشراف مشترك من السلطات في البلدين، مع التزام الولايات المتحدة بتحمل جزء من التكاليف اللوجستية والمالية.

من جانبها، وصفت وزارة الخارجية الأميركية الاتفاق بأنه "خطوة مهمة لتعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة أزمة الهجرة، ومكافحة التجاوزات في نظام اللجوء الأميركي". وأضافت في منشور على منصة "إكس”" أن "الخطوة تعكس التزام واشنطن وشركائها بتقاسم الأعباء الإنسانية ومواجهة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية في المنطقة".

خلفيات سياسية للاتفاق

ويأتي هذا الاتفاق ضمن حملة أوسع يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، إذ تبنّى سياسة هجرة أكثر تشدداً تهدف إلى ترحيل المهاجرين غير النظاميين وتسريع البت في طلبات اللجوء.

وكان ترامب قد أعلن سابقاً عن "خطة أمن الحدود الجديدة" التي تتضمن اتفاقيات مع عدد من الدول في أميركا اللاتينية وأفريقيا لاستقبال المهاجرين المرحّلين مؤقتاً، ريثما يتم النظر في ملفاتهم داخل الولايات المتحدة. وتشمل هذه الدول السلفادور وأوغندا وجنوب السودان ورواندا، إلى جانب بيليز التي انضمت حديثاً إلى هذه التفاهمات.

جدل واسع وانتقادات حقوقية

وأثار الاتفاق ردود فعل متباينة في بيليز، حيث عبّرت منظمات محلية عن مخاوف من الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة في بلد صغير لا يتجاوز عدد سكانه 400 ألف نسمة.

وقالت منظمة "تحالف بيليز من أجل العدالة الاجتماعية" إن "الحكومة تتجه لتحويل البلاد إلى مركز احتجاز للمهاجرين"، مطالبة بالكشف عن تفاصيل الاتفاق وضمان احترام حقوق طالبي اللجوء وفق القوانين الدولية.

وفي المقابل، رحّب بعض الساسة المحليين بالخطوة، معتبرين أنها "قد تفتح باب التعاون الاقتصادي مع واشنطن وتُعزّز موقع بيليز على الساحة الدولية".

سياق إقليمي متوتر

تزامن إعلان الاتفاق مع تزايد أعداد المهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود الأميركية من المكسيك، حيث أشارت بيانات رسمية إلى أن قوات حرس الحدود اعترضت أكثر من 250 ألف مهاجر خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، وهو رقم قياسي يضع الإدارة الأميركية أمام ضغوط داخلية متصاعدة.

ويرى مراقبون أن اختيار بيليز وهي دولة صغيرة مستقرة نسبياً مقارنة بجيرانها يعكس رغبة واشنطن في إيجاد شركاء إقليميين يمكن الوثوق باستقرارهم الأمني لاستضافة المهاجرين مؤقتاً دون المخاطرة بتفاقم الأوضاع الإنسانية أو الأمنية.

خطوة مؤقتة أم استراتيجية دائمة؟

ويرى محللون أن هذه التفاهمات ليست مجرد إجراء مؤقت، بل قد تمثل ملامح لسياسة أميركية طويلة الأمد تهدف إلى "تدويل" ملف الهجرة، بحيث تتحمل دول أخرى جزءاً من العبء الذي تواجهه الولايات المتحدة على حدودها الجنوبية.

غير أن منتقدين يحذرون من أن هذه السياسات "تنقل المشكلة بدلاً من حلّها"، خصوصاً أن معظم الدول المستضيفة تعاني بدورها من محدودية الموارد وضعف القدرات الإدارية لمتابعة قضايا اللجوء.

وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن اتفاق واشنطن وبيليز قد يفتح فصلاً جديداً في ملف الهجرة الإقليمي، بين محاولات واشنطن لإحكام السيطرة على حدودها الجنوبية، ومخاوف منظمات حقوق الإنسان من أن يتحول هذا التعاون إلى نظام غير معلن لإعادة توطين المهاجرين خارج الأراضي الأميركية.