النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

الأسباب الكاملة لرغبة الرئيس الأمريكي في استعادة السيطرة على قاعدة باجرام بأفغانستان

الباحثة منى قشطة
كريم عزيز -

كشفت منى قشطة، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عن دوافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من استعادة السيطرة على قاعدة باجرام، موضحة أنه ليست هذه المرة الأولى التي يعبر فيها ترامب، عن رغبته في استعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان فمنذ شروعه في الاستعدادات الخاصة بخوض الانتخابات لفترة رئاسية ثانية، دأب على انتقاد قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن بالانسحاب من القاعدة، واصفاً إياه بالخطأ الاستراتيجي التاريخي الذي أتاح للصين فرصة التمدد في منطقة حيوية تمس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.

وفق دراسة لـ «قشطة» صادرة عن المركز المصري بعنوان « هدف ملغوم: قاعدة باجرام وخيارات العودة الأمريكية إلى أفغانستان»، قد وصلت تلك الانتقادات بمداها إلى حد وصفه للرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي بـ «الأحمق» بسبب الطريقة التي جرى بها الانسحاب، والتي خلفت معدات عسكرية بمليارات الدولارات وقعت في قبضة حركة طالبان، غير أن تصريحات ترامب الأخيرة تمايزت عن سابقاتها في ثلاثة جوانب رئيسية.

الجانب الأول بحسب «قشطة، هو أنها تخلت عن الطابع النقدي التقليدي للإدارة الأمريكية السابقة، واتجهت نحو خطاب يتسم بحدة غير مسبوقة ولغة تهديد صريحة حملت تلويحاً ضمنياً بعمل عسكري محتمل ضد طالبان، أما الجانب الثاني فأنها جاءت بعد ضغوط يمارسها ترامب على فريقه الأمني منذ عدة أشهر للبحث عن خيارات عملية لاستعادة باجرام من طالبان، والثالث هو ارتباطها بسياق جيوسياسي متغير في آسيا، حيث تصاعدت المنافسة بين الولايات المتحدة من جهة وكل من الصين وروسيا من جهة أخرى، وهو ما أعاد تسليط الضوء على أفغانستان كمنطقة ذات أهمية استراتيجية متجددة في الحسابات الأمريكية.

وحول الدوافع، بحسب منى قشطة، أكدت أن أولها الأهمية الجيوسياسية لأفغانستان إذ تتمتع أفغانستان بموقع جغرافي متميز جعلها محط تركيز دائم وورقة أساسية لممارسات وتفاعلات القوى الإقليمية والدولية عبر التاريخ، إذ تقع في قلب آسيا الوسطى وتجاورها إيران وباكستان والصين ودول آسيا الوسطى الواقعة ضمن المجال الحيوي الروسي، مما منحها وضعاً استراتيجياً متفرداً جعلها محوراً للتنافس بين القوى العظمى الإقليمية وعبر الإقليمية بوصفها حلقة وصل حيوية بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرقها.

ضمن الدوافع بحسب الباحثة، موازنة النفوذ مع الخصوم، فيبدو حرص ترامب على إعادة طرح مسألة استعادة باجرام انعكاساً لمعادلات أوسع، إذ أنه يدرك حقيقة أن الانسحاب الأمريكي من الأفغانستان خلف فراغاً جيوسياسياً سارعت عديد من القوى الإقليمية وفي مقدمتها روسيا والصين إلى ملئه عبر تعزيز علاقتهما مع حكومة طالبان سواء عبر الاعتراف الرسمي بها أو الانخراط معها دبلوماسياً واقتصادياً بل والتعاون معها كشريك استراتيجي في ملف مكافحة الإرهاب.

أيضاً تركزت الدوافع بحسب منى قشطة على التنافس الجيواقتصادي في آسيا الوسطى، حيث تمتلك أفغانستان موارد طبيعية كبيرة ومتنوعة تضعها في بؤرة اهتمام الولايات المتحدة، إذ تقدر احتياطاتها من المعادن بما يصل إلى ثلاثة تريليونات دولار أمريكي، تتنوع ما بين النحاس والكوبالت والكروم والرصاص والزنك والفحم وخام الحديد والنفط والغاز والأحجار الكريمة.

لم تقتصر الدوافع على ذلك بل شملت أيضاً مراقبة التهديدات الإرهابية الناشئة في أفغانستان، حيث أكدت الباحثة منى قشطة، أن ظهور حركة طالبان وصعودها للحكم مرتين في أفغانستان ارتبط بالحديث عن علاقتها وارتباطاتها الجهادية مع العديد من التنظيمات الإرهابية، حيث تشير التقديرات إلى أنه يوجد نحو 20 جماعة إرهابية تنشط حالياً في أفغانستان منها تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية وجماعة أنصار الله وجماعة عسكر الإسلام، وعسكر طيبة وكتيبة الإمام البخاري والحركة الإسلامية الأوزبكية.

اختتمت «قشطة» الدوافع باستعادة الأسلحة والأهمية الرمزية لباجرام، حيث حقق الانسحاب الأمريكي انتصاراً رمزياً كبيراً لحركة طالبان، بُني على أنقاض فشل الولايات المتحدة الأمريكية أقوى قوة عسكرية في العالم وهزيمتها التاريخية في أفغانستان، إذ لا تزال أصداء هذا الانسحاب مستمرة وتتردد مع كل ذكرى سنوية تمر على تاريخ انتهائه.