النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

فيديو ”ترامب الملك” يشعل أمريكا.. والإغلاق الحكومي يفاقم الغضب الشعبي

هالة عبد الهادي -

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشره مقطع فيديو ساخر على منصة "تروث سوشال" يظهر فيه وهو يقود طائرة مقاتلة كُتب عليها "ترامب الملك"، ويلقي منها ما بدا أنها "قاذورات" على المتظاهرين المشاركين في احتجاجات "لا ملوك بأمريكا" التي تجتاح عدداً من المدن الأمريكية منذ أيام.

الفيديو الذي نشره ترامب جاء في وقت حساس، إذ تتزامن الاحتجاجات مع استمرار الإغلاق الحكومي في واشنطن بسبب الخلافات الحادة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الموازنة الفيدرالية وتمويل البرامج الاجتماعية وحزمة المساعدات لأوكرانيا.
وقد فسر كثير من المراقبين توقيت الفيديو على أنه رسالة تحدٍّ سياسية من ترامب لمعارضيه الديمقراطيين الذين يتهمهم بـ"تعطيل البلاد بدافع الكراهية السياسية" والسعي لإظهار إدارته في موقف العاجز أمام الأزمات.

وفي مقابلة مع شبكة "فوكس بيزنس" بُثت الجمعة، حاول ترامب التخفيف من وطأة الجدل، قائلاً إن "البعض يصفه بالملك"، لكنه رفض هذا الوصف قائلاً: "أنا لست ملكاً، كما تعلمون... يقولون ذلك فقط لأنني أرفض الخضوع للمؤسسة السياسية القديمة". وأضاف أن الديمقراطيين "يؤجلون مفاوضات إعادة فتح الحكومة لأسباب سياسية مرتبطة بالاحتجاجات الحالية"، على حد قوله.

من جانبهم، وصف عدد من القادة الجمهوريين الاحتجاجات بأنها "مناهضة لأمريكا"، فيما ذهب رئيس مجلس النواب مايك جونسون إلى حد القول إن: "بعض هذه التظاهرات ساهمت في الإغلاق الحكومي الحالي"، من دون أن يقدم أي دليل على ذلك.

أما على الجانب الآخر، فقد اعتبر نشطاء ديمقراطيون ومحللون سياسيون أن الفيديو الذي نشره ترامب يعكس نزعته السلطوية ومحاولته تصوير نفسه كزعيم مطلق يتحدى النظام الديمقراطي الأمريكي، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من انقسام داخلي متزايد داخل المجتمع الأمريكي.

ويرى الخبير في الشؤون الأمريكية جيفري تايلور من معهد بروكينغز أن: "ترامب يستخدم السخرية السياسية كسلاح لشدّ قاعدته الانتخابية، وتحويل الغضب الشعبي ضده إلى مادة دعائية تصبّ في صالحه"، مضيفاً أن:"مثل هذه التصرفات تؤجّج الاستقطاب وتضعف صورة الولايات المتحدة كديمقراطية مستقرة".

في ردّ فعلي سريع على مقطع الفيديو الساخر، وصف زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر ما ينشره الرئيس دونالد ترامب بأنه “تجسيد لما نخشى منه: رئيس يحاول أن يصوِّر نفسه كملك وليس كمسؤول منتخب”. وأضاف في منشور على منصة X : "اليوم، ملايين الأميركيين خرجوا ليقولوا: لا ملوك في أميركا".

أما وسائل الإعلام فعزّزت التحليل، ففي تقرير لـواشنطن بوست وصف الإعلامي تلك الخطوة بأنها "علامة واضحة لتصعيد في الاستخدام الدعائي للسلطة من جانب الرئيس، وتحويل الاحتجاجات إلى مسرح بصري يُخدم شخصه بدلاً من معالجة القضايا الحقيقية".

من جهته، تحفّظ بعض قادة الجمهوريين على وصف التظاهرات بأنها معادية لأمريكا، واستخدموا لغة صارمة لوصف المشاركين فيها بأنهم يربطون أنفسهم بالعناصر المتطرفة.

وتأتي هذه الأزمة بينما يستعد ترامب لإطلاق حملته الانتخابية الرسمية لولاية ثانية وسط انقسام حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين حول إدارة الحكومة والإغلاق المستمر، في مشهد يعكس احتدام الصراع على هوية أمريكا بين من يراها "دولة المؤسسات" ومن يراها دولة القائد القوي.