النهار
جريدة النهار المصرية

أهم الأخبار

قمة شرم الشيخ للسلام: انطلاقة جديدة نحو حل عادل وشرق أوسط أكثر استقرارًا

الرئيس السيسي
أهلة خليفة -

بالنظر إلى الدور المحوري الذي تلعبه مصر كركيزة أساسية في استقرار منطقة الشرق الأوسط، جاءت قمة شرم الشيخ للسلام لتشكل منصة دبلوماسية متميزة، جمعت بين أطراف إقليمية ودولية في لحظة حساسة تتطلب تحركًا جادًا يضمن تمثيل الشعب الفلسطيني ويكفل له حق التعبير عن رؤيته في مختلف القضايا المرتبطة بمصيره وحقوقه.

وقد عكست هذه القمة التزام القاهرة بتحريك العملية السياسية في اتجاه يرسّخ السلام العادل، ويمنح الشعب الفلسطيني الأمل في نيل حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة.

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، أن مصر أصرت على حضور الرئيس الفلسطيني في القمة، رغم أنه لم يكن مدعوًا في البداية، وذلك تأكيدًا على أهمية وجود التمثيل الفلسطيني الرسمي في أي محفل يتناول قضايا مصيرية تمس هذا الشعب.

وأشار أبو لحية إلى أن هذا الموقف المصري ليس جديدًا، بل يأتي في إطار التزام تاريخي بدعم صوت الفلسطينيين، والتأكيد على أن أي تسوية سياسية لا يمكن أن تنجح دون مشاركة فعلية لأصحاب القضية. كما هدفت القاهرة من خلال هذه الخطوة إلى إتاحة الفرصة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسماع وجهة النظر الفلسطينية بشكل مباشر، وهو ما يعد تحركًا دبلوماسيًا بالغ الأهمية.

وفي استمرارية لهذا الدور، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن عقد مؤتمر مخصص للتعافي وإعادة إعمار غزة في نوفمبر المقبل، مؤكدًا ضرورة الانتقال السريع من مرحلة الصراع إلى مرحلة البناء واستعادة الحياة الطبيعية في القطاع. كما دعا الرئيس السيسي نظيره الأمريكي للمشاركة في هذا الجهد، في خطوة تعكس التزامًا مصريًا واضحًا بتحويل التفاهمات السياسية إلى خطوات عملية ملموسة على الأرض، وعدم ترك غزة في مواجهة مصيرها بمفردها.

أما بشأن خطة السلام التي طرحها الرئيس ترامب، فقد أوضح أبو لحية أنها تشمل 20 بندًا تهدف إلى إنهاء العنف في غزة وفتح أفق سياسي جديد. وتتمحور أبرز ملامحها حول وقف إطلاق نار شامل بضمانات دولية، وتبادل الأسرى، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع، مع إشراف دولي على الترتيبات الأمنية، إضافة إلى إطلاق خطة إعادة إعمار شاملة بتمويل دولي وعربي، تشرف عليها لجنة فنية مشتركة تضم ممثلين فلسطينيين.

وتتضمن الخطة كذلك تأسيس إدارة مدنية انتقالية في غزة تمهيدًا لدمجها ضمن مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية، إلى جانب التزام أمريكي بدعم حل الدولتين ضمن مراحل لاحقة تحددها ترتيبات أمنية واقتصادية دقيقة.

وتشير مصادر متعددة إلى أن الخطة تضع جدولًا زمنيًا للتنفيذ يتراوح بين 12 و18 شهرًا، يبدأ بتهدئة إنسانية، ويختتم بإطلاق مفاوضات حول إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع ضمانات لأمن إسرائيل. ومع ذلك، فقد شددت القاهرة والدول المشاركة في القمة على أن نجاح هذه الخطة مرهون بجدية التنفيذ ووجود إرادة سياسية حقيقية تنهي الاحتلال وتعيد الحقوق إلى أصحابها.

وتعكس تصريحات عدد من الشخصيات السياسية، مثل عصام خليل وأسامة الشاهد، أن قمة شرم الشيخ لم تكن مجرد فعالية دبلوماسية عابرة، بل شكلت تحوّلًا استراتيجيًا في المشهد الإقليمي، وكرّست موقع مصر الريادي في إعادة التوازن للمنطقة.

وتبقى قمة شرم الشيخ بمثابة إعلان عن بداية مرحلة جديدة، تستند إلى الواقعية السياسية والالتزام الإنساني، وتحمل الأمل لشعب أرهقته الحروب، وتسعى إلى غلق أبواب الصراع وفتح نوافذ التنمية والكرامة والسلام. وفي هذا السياق، تواصل مصر دورها التاريخي في دعم الحقوق الفلسطينية، مؤكدة أن الاستقرار في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق دون حل عادل وشامل يضمن للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة.