النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

كيف تشابهت مواقف حماس وإيران في قاعدة السلاح أولاً؟

علم إيران
كريم عزيز -

قالت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، إن حركة حماس تعتبر امتدادًا تأسيسيًا في هوية الثورة الإسلامية الإيرانية: «من يفهم البنية العقائدية والفكرية لطهران يدرك أن محور المقاومة ليس مجرد أداة سياسية، بل أحد أركان الهوية الثورية ذاتها. لذلك لم يكن تشابه البيان الحمساوي مع بيان مكتب المرشد الإيراني محض صدفة، بل انعكاس لوحدة الخطاب الأيديولوجي».

وأضافت في تحليل لها، إن حماس، بعد انقسامها عن محور الإخوان الإقليمي، وجدت نفسها مضطرة أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة التموضع الاستراتيجي داخل المحور الشيعي الإيراني كضمانة للبقاء. ومن هذا المنطلق فإن وضعها شروطًا معقدة لنزع السلاح -يصعب على إسرائيل القبول بها- لا يُفهم فقط كموقف ميداني، بل كاستمرار للانخراط في العقيدة الأمنية الإيرانية القائمة على قاعدة السلاح أولًا والسياسة لاحقًا.

وأكدت: «لذلك جاءت معارضة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق ككل أمرًا متوقعًا فبعد إعلان حماس قائمة الأسرى الذين تطالب بالإفراج عنهم، نقلت صحيفة نيويورك تايمز أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير رفضا القائمة، معتبرين أن إطلاق سراح قيادات بارزة، مثل القيادي البارز في حركة فتح، مروان البرغوثي، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات، وأحد رموز العمل المسلح الفلسطيني، حسن سلامة، سيمنح المقاومة فرصة لإعادة بناء صفوفها. أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فدعا صراحة إلى استمرار القتال للقضاء على حماس، واصفًا الاتفاق بأنه خطر على أمن إسرائيل».

وأوضحت أن الطرفان وافقا على المرحلة الأولى من الصفقة، التي تضمنت وقفًا لإطلاق النار، وتبادلًا للرهائن، وانسحابًا جزئيًا للقوات الإسرائيلية نحو النصف الشرقي من غزة. غير أن الخلافات داخل إسرائيل تجددت سريعًا بشأن المرحلة الثانية، رغم موافقتها على الإفراج عن أربعة من كبار قيادات حماس، في حين تمسكت الحركة بقائمتها الكاملة، وقد دفع ذلك المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى الإعلان عن استحالة تدخل واشنطن في هذه النقطة، في إشارةٍ واضحة إلى تراجع الدور الأمريكي المباشر، رغم الوعود السابقة بالتوسط لتنفيذ الصفقة.

وأشارت إلى أن هذا التحول يعكس بوضوح بداية انحسار الحضور الأمريكي في إدارة الصراع، بفعل انشغال واشنطن بمنافساتها الكبرى مع الصين وروسيا، وانتقالها من منطق فرض التسويات إلى منطق إدارة الأزمات عبر وسطاء إقليميين، مثل القاهرة والدوحة. غير أن هذا الفراغ سرعان ما ملأته طهران بمهارةٍ استراتيجية، من خلال تعقيد خيوط التفاوض وتوظيف التناقضات الإسرائيلية الداخلية لصالحها.

وعلى صعيد موازٍ، ازدادت حدة خطابات نتنياهو، إذ صرح بأن حماس وافقت على الصفقة فقط حين وُضِع السيف على رقبتها، مضيفًا أنها ستُجرد من السلاح وستُعسكر غزة، في تناقض صارخ مع بنود المرحلة الثانية من الاتفاق. وهذا يفضي إلى أن أولويات إسرائيل في هذه المرحلة تنحصر في الإفراج عن الأسرى وامتصاص الغضب الشعبي، في ظل ضغوط أحزاب اليمين المتطرف المهددة بالانسحاب من الائتلاف الحاكم.

أما المرحلة الثانية، فيتوقع أن يترك مجالها مفتوحًا للمناورة والتمطيط، وآية ذلك ما قاله نتنياهو -وفق ما نقله موقع تايمز أوف إسرائيل- بشأن إمكانية تحقيق مطالب حكومته بطريقة سهلة، وإن لم يتحقق ذلك فبطريقة صعبة، في تلميح واضح إلى أن إسرائيل لا تزال تحتفظ بخيار القوة العسكرية.