النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

ما هو موقف إيران من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام؟

علم إيران
كريم عزيز -

كشفت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، عن موقف إيران من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام: «على رقعة شطرنج إقليمية معقدة ومتعددة الأبعاد، يتحرك اللاعبون الدوليون والإقليميون ببراجماتية محسوبة وهدوء حذر. من جهة تسعى الولايات المتحدة إلى فرض سلامٍ يخدم مصالح إسرائيل، فيما تحاول إسرائيل بدورها حماية جبهتها الداخلية وتخفيف الضغوط الشعبية والسياسية على حكومتها».

وقالت «المرسي» في تحليل لها، إن حركة حماس تبدي استعدادًا مشروطًا للتعامل مع هذا السلام، مع تمسكها بحقها في المقاومة وشرعيتها السياسية، أما إيران فتدير اللعبة بعقل استراتيجي بارد يضمن استمرار محور المقاومة دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة. بينما تتحرك مصر على خط التوازن الصعب، لمحاولة احتواء الانفلات الأمني وتقريب وجهات النظر، حفاظًا على القضية الفلسطينية من الضياع وسط شد الأطراف وتنازع المصالح.

وقبل ساعات من إعلان موافقة حركة حماس على المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام، نشر الموقع الرسمي لمكتب المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، تعليقًا لافتًا بعنوان «خطة ترامب للسلام هي خطة لإنقاذ نتنياهو من مستنقع غزة»

وجاء في البيان، وفق الترجمة العربية:

إن ظاهر ما يسمى بخطة ترامب للسلام هو تحرير أسرى إسرائيليين مقابل إعادة إعمار غزة وإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين، بل ومن المقرر أن تطلق حماس أولًا جميع الأسرى الإسرائيليين من جانب واحد لكي يخرج نتنياهو من تحت ضغط الرأي العام والضغوط السياسية داخل كيان الاحتلال، وهو هدف لم يستطع تحقيقه عبر ثلاث سنوات من الحرب، ويراد له الآن أن يتحقق عبر سلام مفروض بصيغة ترامب.

وبموجب هذه الخطة ستُجرد المقاومة الفلسطينية من سلاحها بالكامل، ولن يكون للطرف الفلسطيني أي دور في تقرير مصير غزة المستقبلي، إذ سيُشكل ما يسمى بـ مجلس السلام برئاسة ترامب ليتولى إدارة القطاع كما يشاء. وحتى السلطة الفلسطينية التي عاشت وهم سلام أوسلو لسنوات، لن يكون لها دور في هذه الخطة، التي صرح نتنياهو بأنها لا تهدف مطلقًا إلى إقامة دولة فلسطينية ولا تؤدي إليها بأي شكل من الأشكال.

وفي المقابل ستُجهز قوة عسكرية دولية للانتشار في غزة حتى لا يضطر الجيش الإسرائيلي للبقاء في خطوط المواجهة الأمامية، مع الإبقاء على وجوده في أطراف القطاع وبعض مناطقه الداخلية. ومن ثم لا يُرى أي أفق لقيام دولة فلسطينية، بل إن الخطة نفسها تنقض مبدأ الدولتين. لذا يجب اعتبارها خطوة استباقية لمواجهة المسار الدولي الداعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، الذي تسعى فرنسا والسعودية إلى دفعه قدمًا. فقد قدم ترامب غزة بلباس السلام، ليمنع الاعتراف بفلسطين وليحرر إسرائيل من ضغط هذا المسار الدولي.

أما المقاومة فإنها تسعى إلى سلام حقيقي يحرر أهل غزة من وهدة الحرب والإبادة الجماعية. وتجريدها من سلاحها يعني بداية معاناة غزة وكسر إرادة شعبها، في حين أنها لا ترفض إعادة الإعمار أو تبادل الأسرى، بل ترفض أن يتحول ذلك إلى ثمنٍ للتنازل عن حقها في المقاومة. والحل من منظور الثورة الإسلامية واضح، أن يقرر جميع الفلسطينيين، من مسلمين، ومسيحيين، ويهود، مصير أرضهم بحرية تامة عبر استفتاء عام. انتهى البيان.

وقالت الدكتورة شيماء المرسي: «لا يبدو أن تعليق مكتب المرشد على خطة ترامب مجرد بيان تضامني كما يظهر للوهلة الأولى، بل هو إعلان وصاية أيديولوجية مسبقة على الخطاب المقاوم في غزة. فالمفردات المستخدمة في البيان، مثل المقاومة، والسلام المفروض، والمكر، ونزع السلاح، وبداية معاناة غزة وكسر إرادة شعبها، ونقض مبدأ الدولتين، ليست اختيارًا لغويًا بريئًا، بل تعبير عن الثوابت العقائدية التي شكلت جوهر خطاب الثورة الإسلامية منذ عام 1979. في هذا الخطاب لا تُقدم غزة كقضية فلسطينية محلية فحسب، بل كساحة من ساحات الثورة الإسلامية الكبرى، حيث تحتفظ طهران بحقها في تحديد معنى المقاومة وحدود السلام المقبول».