الرهائن مقابل الأسرى.. اتفاق غزة يدخل مرحلة التنفيذ الفعلي

أعلن الصليب الأحمر الدولي، تسلمه أول دفعة من الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم من شمال قطاع غزة، وعددهم سبعة أشخاص، في خطوة وُصفت بأنها بداية عملية تطبيق المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، برعاية أميركية ومصرية وقطرية.
وقالت اللجنة الدولية في بيان مقتضب إنها قامت بـ"تسهيل عملية نقل الرهائن إلى نقطة تسليم متفق عليها"، مؤكدة أن عملها "يستند إلى مبادئ الحياد والإنسانية"، فيما جرى تسليم الرهائن للجيش الإسرائيلي تمهيدًا لنقلهم إلى المستشفيات لتلقي الفحوص الطبية الأولية.
وفي وقت سابق من اليوم ذاته، نشرت حركة حماس قائمة تضم 20 من الرهائن الإسرائيليين الذين ستُفرج عنهم ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، بينهم رجال ونساء، أبرزهم:
- بار أبراهام كوبرشتاين
- أفيتار دافيد
- يوسف حاييم أوحانا
- سيغيف كالفون
- أفيناتان أور
- إلكانا بوحبوط
- ماكسيم هيركين
- نمرود كوهين
- متان تسنغاوكر
- دافيد كونيو.
- إيتان هورن
- متان أنغريست
- إيتان مور
- غالي بيرمان
- زيف بيرمان
- عمري ميران
- ألون أوهل
- غاي جلبوع-دلال
- روم براسلافسكي
- أريئيل كونيو.
اتفاق تبادل ومطالب إضافية
وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة، فقد أنهت حماس التحضيرات اللوجستية لتسليم الرهائن الأحياء، لكنها تطالب بإطلاق سراح قيادات فلسطينية بارزة، من بينهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات، في المراحل التالية من الاتفاق، الأمر الذي ترفضه إسرائيل حاليًا.
في المقابل، أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها ستفرج عن 250 أسيرًا فلسطينيًا من سجونها في الضفة الغربية، بالإضافة إلى 1,700 معتقل من غزة تم احتجازهم منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، وذلك ضمن المرحلة الأولى من الخطة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب.
وقال ترامب في تصريحات من البيت الأبيض:"الحرب في غزة انتهت، ووقف إطلاق النار سيصمد، وسنعلن قريبًا تشكيل مجلس سلام من أجل القطاع لإعادة الإعمار وإدارة المرحلة الانتقالية."
نتنياهو: يوم حزين وفرِح في آن واحد
من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عملية استعادة الرهائن بأنها "حدث تاريخي"، مضيفًا:"نعيش مزيجًا من الفرح والحزن، فبينما نعيد أبناءنا إلى الوطن، لا ننسى الذين ما زالوا في الأسر."
وأكد نتنياهو أن حكومته تراقب بدقة تنفيذ الاتفاق وأنها "لن تتهاون في ضمان أمن إسرائيل بعد الحرب"، في إشارة إلى استمرار العمليات الاستخباراتية في غزة رغم وقف إطلاق النار.
مساعدات إنسانية وضحايا الحرب
بالتزامن مع عملية التسليم، دخلت عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم جنوب إسرائيل، فيما لا تزال قوافل أخرى تنتظر عند معبر رفح الحدودي مع مصر للسماح بمرورها بعد التفتيش الأمني.
ووفقًا لآخر إحصاءات وزارة الصحة في غزة، بلغ عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية 67,806 قتلى، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، في حين تعتبر الأمم المتحدة هذه الأرقام "موثوقة وتعكس حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة" في القطاع.
وفي المقابل، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن 1,219 شخصًا قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر الذي شنّته حركة حماس، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات رسمية نقلتها وكالة "فرانس برس".
وفي هذا السياق يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط دانيال ليفي، أن نجاح المرحلة الأولى من الاتفاق يمثل "اختبارًا حقيقيًا لمدى استعداد الأطراف لتحويل التهدئة إلى تسوية دائمة"، محذرًا من أن الضمانات الدولية وآليات الرقابة ستكون العامل الحاسم في استمرار وقف إطلاق النار.
وفي تصريح حديث له قال ليفي:"إنها ليست خطة سلام… إنها تفتقر إلى التفاصيل الضرورية لضمان الانسحاب الفعلي، ووقف الهجوم، ودخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع."
وأضاف أن الخطة الأميركية "يجب أن تثبت أولاً أنها قادرة على وقف القتل والجوع والتهجير في غزة، وتأمين إطلاق الرهائن وإفراج إسرائيل عن الأسرى الفلسطينيين، قبل الحديث عن أي تسوية سياسية طويلة الأمد."
ويشير ليفي إلى أن ترامب يسعى لإحراز اختراق سياسي قبل الانتخابات الأميركية المقبلة، عبر إظهار الولايات المتحدة كوسيط قوي قادر على إنهاء واحدة من أكثر الحروب دموية في الشرق الأوسط منذ عقود، لكنه يرى أن الطريق إلى سلام دائم لا يزال معقدًا ومليئًا بالشكوك، خاصة مع الجدل داخل إسرائيل حول مستقبل حكم غزة.
مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، تبدو غزة على مفترق طرق بين تهدئة قابلة للترسيخ أو عودة إلى دوامة العنف، في ظل تعقيدات ميدانية وسياسية لا تزال قائمة.
وتلعب مصر وقطر دورًا محوريًا في ضمان استمرار الهدوء، إذ تتوليان تنسيق مراحل تبادل الأسرى وتدفق المساعدات، إلى جانب جهود مكثفة لتثبيت وقف إطلاق النار وتحويله إلى مسار سياسي دائم.
ويرى مراقبون أن نجاح هذا الاتفاق لا يقاس فقط بعودة الرهائن أو دخول المساعدات، بل بقدرة الأطراف على بناء ثقة حقيقية تمهّد لحوار أوسع يُنهي سنوات الصراع ويمنح المدنيين — من الجانبين — حقهم في الأمن والحياة الكريمة.