النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

أسباب تحول الموقف الأمريكي لصالح غزة.. ماذا جرى؟

ترامب
كريم عزيز -

عكست خطة السلام للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التحول في موقف واشنطن من الدعم اللا محدود لإسرائيل إلى إدراك لديناميات الصراع وحدود تأثيره على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي تتطلب سياسات أمريكية أقل انحيازًا لدعم إسرائيل في حربها على غزة وبالقطع تضافرت العديد من العوامل التي أسهمت في إحداث ذلك التحول في الموقف الأمريكي وصولًا لعقد قمة السلام في شرم الشيخ 13 أكتوبر 2025.

عوامل متعددة

هناك العديد من العوامل التي شكلت مرتكزات داعمة لتبلور خطة ترامب للسلام في غزة، وإحداث التحول في الموقف الأمريكي من المساندة المطلقة لإسرائيل إلى تبني رؤية أقل انحيازًا وأكثر استقلالًا إزاء ديناميات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتي يمكن الإشارة إلى أبرزها وفق قناة القاهرة الإخبارية وهي كالآتي:

- صلابة الموقف المصري الرافض للتهجير: جسد الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم صلابة رؤية القاهرة ودعمها للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، وفق صيغة حل الدولتين التي توافقت عليها قرارات الشرعية الدولية.

- صمود الشعب الفلسطيني: شكّل صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه ورفض المغادرة برغم الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضده عنصرًا مهمًا في معادلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث نجح الشعب الفلسطيني بالبقاء على أرضه رغم حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعب أعزل، وذلك باستهداف الأطفال والنساء واستهداف المنشآت التعليمية والطبية ومراكز الإيواء ومحطات المياه والكهرباء.

- المساندة العربية والإسلامية: أسهمت المساندة العربية والإسلامية للقضية الفلسطينية في تغير الإدراك الأمريكي إزاء الحرب الإسرائيلية على غزة، فقد جاءت مقررات القمة العربية الإسلامية الطارئة التي عقدت بالدوحة في 15 سبتمبر 2025 لرفض العدوان الإسرائيلي على قطر، حيث اشتمل البيان الختامي على لغة حاسمة إزاء السلوك الإسرائيلي في المنطقة.

- عزلة إسرائيل الدولية: تزايدت عزلة إسرائيل الدولية ليس فقط على المستوى السياسي، والتي تجسدت في مغادرة غالبية وفود الدول المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للقاعة الرئيسية في سبتمبر 2025 خلال إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمته، وإنما امتدت أيضًا لتشمل العزلة الأكاديمية ومطالبة المتظاهرين في الجامعات الغربية بوقف التعامل الأكاديمي مع الجامعات والمجتمع البحثي الإسرائيلي.

- تسويق الرواية الفلسطينية: أفرزت الحرب الإسرائيلية على غزة متغيرًا مهمًا يرتبط باهتمام الشباب الأمريكي بما يحدث في غزة، وقد شكل المكون الشبابي في المظاهرات التي تطالب بوقف الحرب العنصر الأكبر، وهو ما يعكس أن الرواية الفلسطينية بدأت تشق طريقها بشكل صحيح إلى إدراك الشباب الأمريكي بعد أن نجح اللوبي اليهودي لعقود ممتدة في دعم الرواية الإسرائيلية المزعومة. وبرغم الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، إلا أن إعادة التعريف بالحقوق الفلسطينية المشروعة داخل المجتمعات الغربية على أسس صحيحة دون تزييف، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، مثل أحد أهم مكاسب تلك الحرب، بما أدى إلى اتجاه العديد من الدول الغربية لتغيير مواقفها وتبني وقف الحرب ورفض استهداف المدنيين ومطالبة إسرائيل بقبول حل الدولتين.

- مظاهرات المدن والجامعات الغربية: عكس خروج مظاهرات في المدن والجامعات الغربية والولايات الأمريكية، سواء للتنديد بالموقف الأمريكي من الحرب الإسرائيلية على غزة والمطالبة بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة أو تلك الداعمة لإسرائيل، أن القضية الفلسطينية أضحت ضمن أولويات الجمهور الأمريكي بعد أن ظلت لفترات ممتدة قاصرة على اهتمامات النخب باعتبارها ضمن قضايا السياسة الخارجية التي لا تحظى باهتمامات الناخب الأمريكي في سياق المنافسات الانتخابية المتنوعة.

- حل الدولتين: أسهم الزخم الدولي في تبني مسار حل الدولتين متغيرًا مهمًا للتحول في موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الحرب الإسرائيلية على غزة، لاسيما بعد اعتراف عدد معتبر من دول العالم خلال فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، وفي مقدمتها قوى أوروبية محورية مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، ودول أخرى مثل كندا وأستراليا.

قمة السلام.. محطة فارقة

ربما تشكل قمة شرم الشيخ برئاسة مصرية-أمريكية مشتركة، والتي ستعقد في 13 أكتوبر 2025 تحت شعار قمة شرم الشيخ للسلام، ترجمة على أرض الواقع للتحول في الموقف الأمريكي إزاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وترجمة أيضًا للرؤية المصرية الصلبة التي تضمنتها خطة ترامب للسلام في رفض التهجير، وإعطاء حق العودة لمن يقرر ذلك من الفلسطينيين، وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة وصولًا إلى حل الدولتين.