النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

مدغشقر على صفيح ساخن.. تمرد عسكري ومحاولة انقلاب ضد الرئيس

جنود ينضمون إلى التظاهرات في مدغشقر
هالة عبد الهادي -

أعلن رئيس مدغشقر، أندري راجولينا، مساء الأحد، أن بلاده تواجه محاولة "لانتزاع السلطة بشكل غير قانوني وبالقوة"، وذلك في خضم تصاعد التوتر بالعاصمة أنتاناناريفو بعد انضمام وحدات من الجيش إلى صفوف المتظاهرين المناهضين للحكومة.

وفي بيان رسمي، قال راجولينا إنّ "رئاسة الجمهورية ترغب بإبلاغ الأمة والمجتمع الدولي بأن محاولة لانتزاع السلطة بشكل غير قانوني وبالقوة، بما يتناقض مع الدستور والمبادئ الديمقراطية، تجري حالياً على التراب الوطني"، في إشارة مباشرة إلى انقسام داخل المؤسسة العسكرية.

تمرد داخل الجيش وانضمام إلى الشارع

وشهدت العاصمة السبت مشاهد غير مسبوقة منذ أكثر من عقد، بعدما انضم جنود من وحدة "كابسات" (فيلق الأفراد والخدمات الإدارية والتقنية) إلى آلاف المحتجين، الذين خرجوا للتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتدهور الخدمات الأساسية، خصوصاً نقص المياه والكهرباء.

وردّد المتظاهرون هتافات تشيد بالجنود الرافضين تنفيذ أوامر إطلاق النار على المتظاهرين، فيما تداولت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لجنود يدعون زملاءهم إلى “الانحياز للشعب والدفاع عن الوطن”.

وتمكّن المحتجون، بمساندة عناصر من الجيش، من الوصول إلى ساحة 13 مايو الرمزية في قلب العاصمة، والتي كانت دائماً مركزاً للحراك الشعبي في تاريخ البلاد الحديث.

تحذيرات حكومية ودعوات للتهدئة

في المقابل، دعا رئيس الوزراء روفين فورتونات زافيسامبو إلى التزام الهدوء وضبط النفس، مؤكداً أنّ الحكومة “الصامدة” منفتحة على الحوار مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية، بما في ذلك الشباب والنقابات وبعض العسكريين المشاركين في الاحتجاجات.

وقال رئيس أركان الجيش، الجنرال جوسلين راكوتوسون، في بيان بثته وسائل الإعلام المحلية، إنّ “على المواطنين التعاون مع قوات الأمن لاستعادة النظام عبر الحوار وليس العنف”، في إشارة إلى المخاوف من انزلاق البلاد نحو مواجهة مفتوحة.

عودة إلى مشهد 2009.. التاريخ يعيد نفسه

وتعيد التطورات الجارية إلى الأذهان التمرد العسكري عام 2009، حين لعبت القاعدة العسكرية نفسها دوراً محورياً في الإطاحة بالرئيس آنذاك، وصعود أندري راجولينا نفسه إلى السلطة عقب انتفاضة شعبية.
ويرى مراقبون أن تكرار هذا السيناريو يهدد بجرّ البلاد إلى دوامة جديدة من الفوضى والانقسام، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة وتراجع ثقة الشارع بالحكومة.

احتجاجات متصاعدة وسقوط ضحايا

بدأت المظاهرات في 25 سبتمبر الماضي بدعوة من حركة “الجيل زد”، احتجاجاً على نقص الخدمات الأساسية، قبل أن تتحول سريعاً إلى أكبر موجة غضب ضد الرئيس راجولينا منذ إعادة انتخابه عام 2023.
ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، أسفرت الاحتجاجات حتى الآن عن مقتل 22 شخصاً وإصابة أكثر من مئة، بينما تحدث الرئيس عن “12 قتيلاً فقط” وصفهم بأنهم “مخرّبون ولصوص”.

ويحذر محللون من أن الأزمة في مدغشقر لم تعد مجرد احتجاجات مطلبية، بل تحوّلت إلى تحدٍّ سياسي وعسكري يهدد استقرار البلاد في واحدة من أكثر الدول فقراً في إفريقيا.
كما تُثير التطورات قلق الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي، خاصة وأن مدغشقر شهدت سلسلة انقلابات واضطرابات سياسية منذ استقلالها عام 1960، ما يجعل أي انفلات جديد خطراً على استقرار المنطقة بأكملها.