النهار
جريدة النهار المصرية

فن

في ذكرى ميلاده.. أحمد مظهر ”الضابط” الذي أصبح فارس السينما المصرية

احمد مظهر
تقرير/ عبير عبد المجيد -

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان الراحل أحمد مظهر، الذي لم يكن مجرد نجم من نجوم الشاشة، بل كان ضابطًا في الجيش المصري، وأحد أفراد تنظيم الضباط الأحرار الذين شاركوا في صناعة تاريخ الوطن قبل أن يشارك في صناعة تاريخ السينما.

ولد أحمد مظهر في حي العباسية بالقاهرة عام 1917، ونشأ في بيت يعشق الانضباط والجدية، ورغم التحاقه في البداية بكلية الطب البيطري تلبية لرغبة والده، فإن شغفه بالعسكرية دفعه لتركها والالتحاق بالكلية الحربية، ليتخرج ضابطًا بسلاح المشاة في دفعة الرئيس جمال عبد الناصر، ويشارك في حرب فلسطين عام 1948.

بفضل كفاءته العسكرية وانضباطه، أسند إليه في عام 1952 قيادة مدرسة الفرسان ضمن تنظيم الضباط الأحرار، وكان له دور في التمهيد للثورة قبل اندلاعها، وبجانب الحياة العسكرية، تميز أحمد مظهر بموهبة فنية مبكرة لفتت أنظار كبار المخرجين.

بدأت أولى خطواته الفنية حين رشحه المخرج المسرحي زكي طليمات لأداء دور صغير في مسرحية "الوطن" عام 1948 قبل سفره للمشاركة في حرب فلسطين، وبعدها اختاره المخرج إبراهيم عز الدين للمشاركة في فيلم "ظهور الإسلام" عام 1951 عن قصة لطه حسين، وهو ما كان بداية حقيقية لموهبته أمام الكاميرا.

ومع قيام ثورة يوليو 1952، بدأ عهد جديد للسينما المصرية، حيث كتب الأديب يوسف السباعي قصة "رد قلبي"، ورشحه للقيام بدور "البرنس علاء"، لكن الجيش رفض التصريح له بالعمل الفني، فلجأ إلى زميله وصديقه جمال عبد الناصر الذي نصحه بالتفرغ للفن، وهكذا قرر أحمد مظهر أن يترك بزته العسكرية ليبدأ رحلته الجديدة في عالم الفن، محتفظًا بانضباطه وهيبته العسكرية في كل أدواره.

وفي مشواره الفني، تألق "فارس السينما المصرية" في عشرات الأفلام التي تركت بصمة في ذاكرة الجمهور، من أبرزها:
"رد قلبي" – "الناصر صلاح الدين" – "دعاء الكروان" – "الأيدي الناعمة" – "لصوص لكن ظرفاء" – "شفيقة ومتولي".

ورغم بريق النجاح، إلا أن حياته لم تخلُ من المواقف الصعبة؛ فقد قرر في إحدى مراحل تألقه الاعتزال المؤقت بعدما أصرت الفنانة سعاد حسني على أن يسبق اسمها اسمه على أفيش أحد الأفلام، شعر مظهر وقتها أن الكرامة أهم من النجومية، فابتعد وافتتح ورشة ميكانيكا لتصليح السيارات بمنزله بمساعدة أصدقائه، مستثمرًا هوايته القديمة في الميكانيكا.

لكنه سرعان ما عاد إلى الساحة الفنية بعد فترة قصيرة، وشارك مع سعاد حسني نفسها في فيلم "شفيقة ومتولي" عام 1978، مؤكدًا أن حب الفن لا يمكن كتمانه مهما كانت العواصف.

ورحل أحمد مظهر في 8 مايو 2002 عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد أن ترك إرثًا فنيًا وعسكريًا نادرًا، يجمع بين شرف البذلة العسكرية وأناقة الكاميرا.
فقد كان بحق ضابطًا في الميدان.. وفارسًا على الشاشة.