ضعف الميزانية والبنية التحتية.. نقاد: مهرجان المسرح يحتاج إصلاحًا لا تغييرًا

بعد إسدال الستار على فعاليات الدورة الثانية والثلاثين من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، تصدرت حالة من الجدل حول اسم المهرجان وهويته، فبعد أن طرح وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو فكرة تغيير اسمه بهدف فتح باب النقاش حول صيغة جديدة أكثر شمولًا، رأى المتخصصون أن تغيير الاسم ليس مجرد تعديل شكلي بل مساس بهوية مهرجان تجاوز عمره ثلاثة عقود، وحول هذا الجدل استطلعت «النهار» آراء النقاد.
يرى الناقد الفني كمال القاضي أن قضية تغيير اسم مهرجان المسرح التجريبي لا تستحق هذا الجدل، معتبرًا أن الأولى هو الاهتمام بالجوهر والمضمون بدلًا من الانشغال بالمظاهر الشكلية، فهناك أزمات أعمق تواجه المسرح المصري وتحتاج إلى حلول حقيقية، مؤكدًا أن تغيير الاسم لن يضيف جديدًا، بل على العكس، سيخصم من رصيد المهرجان التراكمي ويؤثر سلبًا على نجاح دوراته المقبلة، لأنه سيعطي انطباعًا بعدم الاستقرار والفوضى.
وأشار القاضي إلى أن نجاح المهرجان ارتبط بمرحلة تاريخية وباسم من أسسوه، وأن هذا الارتباط ربما يثير حفيظة البعض ويدفعهم إلى التفكير في تغييره، وهو ما وصفه بأنه "فعل غير مستحب" لا ينبغي الإقدام عليه.
وطالب وزير الثقافة بالتركيز على ما يحتاجه المسرح من إصلاحات وزيادة في الميزانيات لتحقيق نهضة حقيقية، بدلًا من الانشغال بما سماه "البروباجندا والفرقعة الإعلامية"، مشددًا على أن هناك قضايا أكثر أهمية في قطاعات الثقافة تتطلب دعمًا ورعاية.
وانتقد القاضي استمرار التفكير داخل الوزارة بالعقلية النمطية نفسها القائمة على هدم ما تحقق من إنجازات سابقة بدلًا من البناء عليها، تحت شعارات "التجديد والتطوير والمعاصرة"، التي وصفها بأنها مجرد "كلاشيهات خالية من المضمون"، هدفها إثارة ضجة توهم بوجود حراك ثقافي جديد دون فعل حقيقي.
واختتم بالتأكيد على أن مهرجان المسرح التجريبي جزء من منظومة ثقافية عربية ودولية لا يجوز الإخلال بنظامها أو تغيير هويتها، لأن النشاط الثقافي لأي دولة يمثل عنوانها الإبداعي والتنويري وجزءًا أصيلًا من تاريخها الفني والحضاري.
ومن جانبه أكد الناقد المسرحي محمد عبد الرحمن أن القضية أكبر من مجرد تغيير اسم، إذ اعتبر أن المهرجان بدأ يفقد هويته بسبب مشكلات أعمق تتعلق بضعف الميزانية وعدم توافر تقنيات مسرحية حديثة في مسارح الدولة، موضحًا أن بعض الفرق التجريبية العالمية تشترط مبالغ تصل إلى 20 ألف دولار في الليلة، ما يدفع إدارة المهرجان إلى استقدام عروض مجانية أو رمزية، وهو ما يؤثر على مستواه.
ورأى أن الحل يكمن في زيادة الميزانية وتطوير البنية التحتية المسرحية أولًا، مقترحًا أن يكون الاسم الأمثل هو "المسرح التجريبي والمعاصر" للحفاظ على خصوصية المهرجان مع فتحه على تجارب جديدة.
أما الناقد المسرحي ياسر إبراهيم، فأوضح أن الدعوة لتغيير الاسم قد تعكس محاولة لتوسيع الهوية ومواكبة التحولات العالمية، لكن اسم «التجريبي» منذ تأسيس المهرجان عام 1988 أصبح علامة مميزة لا ينبغي التخلي عنها، معتبرًا أن إضافة توصيفات مثل «المعاصر» قد تُفهم كتحديث للرؤية لكنها في الوقت نفسه تربك الهوية الأصلية.
وأكد أن أزمة البنية التحتية للمسارح، من ضعف التمويل وإهمال المنشآت وهدم بعضها، أكثر إلحاحًا من الجدل حول الاسم، مشددًا أن المسرح لا ينهض بالشعارات، وإنما بالخشبة الحية والمحتوى الذي يثير الأسئلة ويصنع الجدل الحقيقي.