النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

الهجرة العكسية.. سرطان ينهش جسد إسرائيل

الخبير في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي
أحمد مرعي -

تواجه إسرائيل واحدة من أخطر أزماتها الوجودية مع تفاقم الهجرة العكسية، حيث يفوق عدد المغادرين سنوياً عدد القادمين إليها. هذا النزيف السكاني يضرب في العمق الفكرة التي قامت عليها الدولة العبرية: "جمع يهود العالم" وتوطينهم داخلها.

الخبير في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي يرى أن الظاهرة تتجاوز كونها حركة انتقال طبيعية، إذ تعكس أزمة ثقة حقيقية في المشروع الصهيوني نفسه. فالشباب الإسرائيلي يتساءل اليوم: هل إسرائيل ما زالت تمثل الملاذ الآمن الذي وُعدوا به؟

الأسباب متعددة؛ من تصاعد التوترات الأمنية والحروب المتكررة، إلى الفجوات الاجتماعية وارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الثقة في القيادة السياسية. هذه العوامل دفعت آلاف الإسرائيليين، خاصة من الكفاءات والطاقات الشابة، إلى البحث عن حياة أكثر استقراراً في أوروبا وأميركا الشمالية.

وتكمن الخطورة في أن من يغادرون هم غالباً من العقول المبدعة والقطاعات الحيوية، ما يضعف سوق العمل الإسرائيلي ويؤثر على تنافسيته. في المقابل، تتزايد نسبة المتدينين المتشددين الذين يرفضون غالباً الانخراط في سوق العمل أو الجيش، ما يضاعف الأعباء الاقتصادية والأمنية.

الانعكاسات لا تقف عند الاقتصاد، بل تمتد إلى الروح المعنوية للمجتمع والجيش على حد سواء، في ظل أزمة تجنيد ونقص في القوى البشرية.

ويحذر ياغي من أن استمرار الهجرة العكسية بهذا الشكل يهدد مستقبل إسرائيل الاستراتيجي، ويحوّلها تدريجياً من "أرض الميعاد" إلى محطة عبور مؤقتة يرحل عنها أبناؤها نحو وجهات أكثر أمناً واستقراراً.