النهار
جريدة النهار المصرية

مقالات

أسامة شرشر يكتب: نتنياهو يفجر مفاوضات شرم الشيخ!

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
-

يعيش رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو صدمة غير متوقعة بعد موافقة حماس على قبول المقترح الترامبى لوقف الحرب فى غزة.
والأخطر الآن بالنسبة له أن مصر نجحت فى تثبيت دورها المحورى الذى لا يستطيع أحد أن يقوم به أو يملأه أو يقفز عليه، نتيجة الثوابت التاريخية والجغرافية والدور الذى لعبته على مدار أكثر من 70 عامًا، فى خدمة القضية الفلسطينية، وقدمت شهداء من رجال القوات المسلحة المصرية خير أجناد الأرض والشعب المصرى العظيم.
وامتدادًا للصدمات والمفاجآت يريد نتنياهو واليمين المتطرف الإسرائيلى أن يفجر مفاوضات السلام فى شرم الشيخ بين وفد حماس والوفد الإسرائيلى، والتى تتم برعاية مصرية قطرية أمريكية، فهو يحاول بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة أن يفسد موافقة حماس، حتى تكون ذريعة لهدم المعبد والاستمرار فى الحرب على غزة، ودليلى على ذلك أن رئيس الوفد الإسرائيلى لم يصل حتى كتابة هذه السطور إلى مدينة السلام، رغم أن التمثيل الأمريكى على أعلى مستوى، من خلال المبعوث الأمريكى ويتكوف، وصهر ترامب كوشنر الذى ظهر لأول مرة بعد صفقة القرن، فهو أحد مهندسى إتمام هذه المفاوضات.
وتلعب المخابرات المصرية دورًا محوريًا فى محاولات مضنية لتقريب وجهات النظر بين الوفدين فى أرض السلام شرم الشيخ، ويبذلون كل ما يمكن بذله من جهد لمحاولة تفويت الفرصة على الوفد الإسرائيلى الذى يحاول إفساد وقف إطلاق النار، فإسرائيل تريد كل شىء، الرهائن الأحياء وجثث الموتى، وكذلك احتلال غزة وعدم الانسحاب، ونزع سلاح حماس، وهم يجادلون حتى آخر نفس فى محاولة رفض الإفراج عن أحمد سعدات ومروان البرغوثى وعبدالله البرغوثى وهم من القيادات التاريخية، ويمثلون رمزًا للصمود الفلسطينى، رغم أن نتنياهوالذى فقد عقله سبق له أن أفرج عن أكثر من 1200 سجين فلسطينى مقابل صفقة شاليط، وكان من بين هؤلاء السجناء يحيى السنوار، أحد أعمدة الجناح العسكرى لحركة حماس ومهندس يوم 7 أكتوبر.
ويحاول المفاوض الإسرائيلى أن يزايد على الجميع ويتجاهل بنود الاتفاق حتى لا تقوم إسرائيل بالإفراج عن السجناء الفلسطينيين الذين لاقوا كل أشكال التعذيب والتنكيل والإذلال والإهانة، على عكس الرهائن الإسرائيليين الذين تم التعامل معهم كأسرى، وهذا باعترافاتهم أنفسهم أمام وسائل الإعلام الإسرائيلية أنهم فوجئوا بهذا التعامل الإنسانى والأخلاقى داخل غزة.
والحقيقة التى لا ينكرها أحد أن مفاوضى حماس هم الذين يُفترض بهم أن يضعوا شروطًا، وضمانات حقيقية لعدم غزو القطاع مرة أخرى بعد تسليم الأسرى.
ولماذا لم تنسحب إسرائيل حتى الآن من خط فيلادلفيا (محور صلاح الدين) الذى يمثل الاستمرار فى احتلاله مخالفة لاتفاقية المعابر مع مصر؟
وما لفت نظرى هو حالة الهستيريا التى يعيشها الإعلام الإسرائيلى بسبب اختيار 6 أكتوبر لبدء المفاوضات، فيوم 6 أكتوبر أصبح يمثل لهم عقدة لا يمكن الفكاك منها، لأن كل انكساراتهم وهزائمهم بدأت يوم 6 أكتوبر 1973، حتى جاء 7 أكتوبر 2023 ليكمل المشهد ويجعل من أكتوبر شهرًا حزينًا عليهم.
ثم جاء أسطول الصمود الذى تحدى كل محاولات الإرهاب الإسرائيلية فى محاولة لتوصيل رسائل معنوية وبعض المساعدات إلى شواطئ غزة، وتجاهل كل محاولات الإرهاب الإسرائيلية والحصار بالطائرات المسيّرة، حتى تم القبض عليهم ووضعهم فى السجون رغم أنهم لم يحملوا أسلحة أو متفجرات بل مساعدات إنسانية، ورغم أن من بينهم أعضاء برلمانات أوروبية وشخصيات عامة ولم يفرقوا بين الرجال والنساء وقاموا بإذلالهم فى المعتقلات الإسرائيلية.
وفى نفس الوقت جاءت المظاهرات غير المتوقعة فى كل العواصم الأوروبية التى هزت عرش نتنياهو الذى لم يتوقع التضامن العالمى؛ تأكيدًا على عزلتهم بين شعوب العالم وحكوماتهم.
ورغم هذا يتعامل الصهاينة على أنهم يمثلون شعب الله المختار، وهم أحط شعوب الأرض بأفعالهم وأعمالهم وجرائمهم التى أدانتها محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية التى تطالب بالقبض على نتنياهو ووزير دفاعه السابق كمجرمى حرب.
ولكن لا يمكن أن نتجاهل الضغوط التى قام بها ساسة أمريكيون وعالميون وحذروا فيها ترامب من أنه إذا لم يتم وقف إطلاق النار فى غزة فإن الفوضى ستعم العالم، وستخرج الشعوب لتتحدى إرادة الجميع وتفرض سياسة الأمر الواقع لوقف الإبادة بحق أهل غزة والضفة الغربية والقدس، فأدرك ترامب حينها أن أمريكا أصبحت فى نفس موضع الاتهام الذى تقف فيه إسرائيل، فتغير رأيه وأصبح يدعم وقفًا لإطلاق النار.
إن الساعات القادمة ستكون فاصلة، خصوصًا إذا انفجرت مفاوضات السلام فى شرم الشيخ، فالعواقب ستطال الجميع وستتحول منطقة الشرق الأوسط إلى بركان من اللهب لا يعرف مداه أحد.
ولا أستبعد أن تقوم إسرائيل بضرب إيران حتى يتم إشعال المنطقة بأسرها وإفساد عملية وقف إطلاق النار.
فهل ستكون مفاوضات شرم الشيخ هى النقطة الفاصلة فى الصراع الفلسطينى العربى الإسلامى- الأمريكى؟ خصوصًا أن هناك ضغطًا أمريكيًا حقيقيًا على إسرائيل هذه المرة، لأن ترامب عينه على جائزة نوبل خلال الأيام القادمة أم أن العالم متجه إلى انفجارات وحروب فى كل الاتجاهات؟

******
52 عامًا على انتصارات أكتوبر
أزعجنى ما تردد عن أن أحمد الشرع قام بإلغاء الاحتفال بـ6 أكتوبر فى سوريا، وهذه كارثة بكل المعايير رغم أن مصر قادت هذه الحرب وبجانبها سوريا وحدث تنسيق بين القوات المسلحة المصرية والجيش السورى.
أقولها للشرع وأى شرع آخر: سيظل نصر أكتوبر 1973 فخرًا يحمله جنود وضباط القوات المسلحة المصرية خير أجناد الأرض وأبناء الشعب المصرى العظيم، بعد أن لقّنوا الإسرائيليين درسًا لن ينسوه أبد الدهر.
لقد جاءت الذكرى 52 لنصر أكتوبر ومعها الصفعة الكبرى من الإعلام الإسرائيلى الذى كشف الخداع الإستراتيجى الذى قام به أشرف مروان صهر الرئيس جمال عبد الناصر، والذى نجح في إفشال وإرباك الموساد الإسرائيلى وأجهزة الاستخبارات الأمريكية من خلال المعلومات المغلوطة التى كانت سببًا من أسباب هزيمة إسرائيل.
وأعتقد أن منظر عساف ياجورى الأسير الإسرائيلى لن يُمحى من ذاكرة الشعب المصرى والسورى ولن يقدر أى خائن أو جماعة ظلامية أن تشوه النصر التاريخى الذى سيظل عقدة فى أذهان الصهاينة.. والذى ما زالت المراكز البحثية والإستراتيجية والعسكرية تحلل ما تم فيه.
التاريخ لن يرحم أحدًا وسجلات البطولات ما زال فيها الكثير من الأسرار التى لم تُعلَن بعد.
وأقترح على الشئون المعنوية للقوات المسلحة إعداد فيلم تسجيلى أو مسلسل عن أشرف مروان
لتعرف الأجيال القادمة الدور الذى لعبه أحد أبناء مصر المخلصين زوج السيدة منى عبدالناصر ابنة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذى وضع بحرب الاستنزاف أولى اللبنات التى تم البناء عليها حتى وصلنا إلى نصر أكتوبر العظيم، الذى يكرهه الشرع وأى شرع آخر.

*******
خالد العنانى واليونسكو

خالد العنانى أيقونة مصرية إنسانية وحضارية تحمل في طياتها جينات فرعونية وشفرات إفريقية، وفوزه الساحق الذى لم يحدث من قبل برئاسة منظمة اليونسكو وهى أهم منظمة فى الأمم المتحدة بـ55 صوتًا من إجمالى 57 صوتًا، هو تأكيد على مكانة مصر فى قلب العالم، وإيمان الدول بدورها الحضارى والإنسانى ولِمَ لا؟ ومصر دولة تمتلك ثلث آثار العالم وعمرها 7 آلاف عام، ولديها كنوز من الرجال الذين يمتلكون المعرفة والعلم واحترام الآخر.

جاء فوز خالد العنانى يوم ٦ أكتوبر ليعطى رسالة مهمة أنه يوم نصر للمصريين سواء فى عبور خط بارليف أو عبور اليونسكو ورسالة أكثر أهمية أنه مهما حاول البعض أن يقفز على دور مصر.. فالكبار لا توقفهم أفعال الصغار.
ولا ننسى ونحن نحتفل بهذا الفوز المستحق لرجل وأستاذ وعالم فى الآثار له دوره فى الترويج السياحى، والصورة المذهلة التى قام بها فى افتتاح متحف الحضارات، ومشهد نقل المومياوات ونقل تمثال رمسيس وهى المشاهد التى حظيت بملايين المشاهدات حول العالم فى أمر لم يحدث مثله لحدث أثرى- ولا ننسى فى خضم الاحتفال أحد وزراء مصر الذين خاضوا تجربة خطيرة وكان قاب قوسين أو أدنى من الفوز رغم المؤامرة الأمريكية والإسرائيلية وهو الوزير الفنان الوطنى فاروق حسنى الذى سيظل اسمه لغمًا لدى إسرائيل، وقد نجح العنانى فى رد الموقف للكيان الصهيونى الذى حارب علنًا فاروق حسنى أثناء ترشيحه بـ«زكائب» الدولارات... والأخطر أنه تم رد الموقف لإسرائيل رغم امتناعها عن التصويت لأنها أثبتت أنها تعيش عزلة دولية بسبب الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
أعتقد أن العنانى بهذا الفوز الأسطورى يصبح امتدادًا طبيعيًا لفاروق حسنى وكل القامات الحقيقية التى جعلت التمثال المصرى ينطق بتاريخ وحضارة مصر أم الدنيا.