النهار
جريدة النهار المصرية

ثقافة

اختفاء لوحة أثرية نادرة من مقبرة كاهن العدالة في سقارة يثير جدلًا واسعًا والنيابة تباشر التحقيق

لوحة خنتي كا
محمد هلوان -

سادت حالة من الجدل خلال الساعات الماضية بعد الإعلان عن اختفاء لوحة أثرية نادرة مصنوعة من الحجر الجيري من داخل مقبرة “خنتي كا”، المعروف بلقب كاهن العدالة، بمنطقة آثار سقارة.
وتعود اللوحة إلى عصر الدولة القديمة، وتُعد من القطع الفنية الفريدة التي توثق الفصول الزراعية الثلاثة ومشاهد من الحياة اليومية في مصر الفرعونية، مما يجعلها ذات قيمة أثرية وتاريخية كبيرة.

خنتي كا

وبحسب سجلات وزارة السياحة والآثار، فإن اللوحة المختفية تبلغ أبعادها 40 × 60 سنتيمترًا، وهي من القطع النادرة التي تُبرز براعة الفنان المصري القديم في التعبير عن تفاصيل الحياة الاجتماعية والدينية في تلك الحقبة.

وقد باشرت النيابة العامة في الجيزة التحقيقات، وطلبت من الأجهزة الأمنية سرعة إعداد التحريات اللازمة لكشف ملابسات الواقعة. كما استدعت المسؤولين عن تأمين المقبرة وعددًا من قيادات وزارة السياحة والآثار لسماع أقوالهم، وقررت التحفظ على كاميرات المراقبة بمحيط الموقع الأثري لفحص تسجيلاتها وإعداد تقرير فني شامل عنها.

مقبرة فرعونية

من جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن الوزارة اتخذت كافة الإجراءات القانونية فور العلم بالواقعة، وأحالت الملف بالكامل إلى النيابة العامة للتحقيق. وأشار إلى أن المقبرة مغلقة منذ عام 2019 وكانت تُستخدم كمخزن للآثار منذ اكتشافها في خمسينيات القرن الماضي، مؤكدًا أنه تم تشكيل لجنة أثرية برئاسة الدكتور عمرو الطيبي، المشرف على منطقة آثار سقارة، لحصر محتويات المقبرة والتأكد من سلامة القطع الأثرية الموجودة بداخلها.

وأضاف الأمين العام أن الوزارة تتابع مجريات التحقيق بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية، مشددًا على أن المجلس الأعلى للآثار حريص على صون التراث المصري وحمايته من أي ممارسات غير قانونية أو إهمال إداري.

وتُعد مقبرة خنتي كا من أهم مقابر عصر الأسرة الخامسة (2500–2350 قبل الميلاد)، وهي الحقبة التي اشتهرت ببناء المعابد الشمسية والمقابر المزخرفة بالنقوش البديعة. وتقع المقبرة شمال هرم الملك تيتي ضمن شارع المقابر الذي يضم مصاطب كبار رجال الدولة مثل مرروكا وكاجمني.

ويُذكر أن خنتي كا، صاحب المقبرة، كان كاهنًا للمعبودة ماعت، إلهة العدالة عند المصريين القدماء، كما شغل منصب المشرف على القصر الملكي، ما يعكس مكانته الدينية والإدارية الرفيعة في بلاط الملك.

وتُعد المقبرة تحفة فنية نادرة، إذ تضم نقوشًا توثق الحياة اليومية في مصر القديمة، من الزراعة والصيد وصناعة الخمر إلى طقوس تقديم القرابين، مما يجعلها مصدرًا أساسيًا لفهم الفكر الاجتماعي والديني والفني في الدولة القديمة.

ويواصل فريق التحقيق واللجنة الأثرية أعمالهما لتحديد ظروف وملابسات اختفاء اللوحة، في وقت تتزايد فيه المطالب بضرورة تشديد إجراءات تأمين المواقع الأثرية وحمايتها من أي تجاوزات تمس التراث المصري العريق.