أشرف مروان.. بطل الخداع الاستراتيجي في حرب أكتوبر

مثّل عنصر الخداع الاستراتيجي أحد أهم أسرار نجاح الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973، حيث استطاعت القاهرة أن تباغت إسرائيل بهجوم منسق أربك منظومتها العسكرية والاستخباراتية. في قلب هذه الخطة ظهر اسم أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والمقرّب من الرئيس أنور السادات، الذي شكّل محور جدل واسع بين من اعتبره عميلاً للموساد وبين من وصفه بـ “بطل من أبطال الحرب الخفية”.
يرى الخبير العسكري اللواء نصر سالم، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، أن أشرف مروان كان جزءًا لا يتجزأ من خطة الخداع الكبرى، حيث لعب دور “الطُعم” الذي اعتمدت عليه المخابرات الإسرائيلية. فقد زوّدهم بمعلومات صحيحة أحيانًا ليكسب الثقة، وفي المقابل سرب توقيتات مضللة وأحداث جانبية جعلت العدو في حيرة دائمة.
ويشير اللواء سالم إلى أن “المعلومة التي نقلها مروان عن موعد الهجوم مساءً كانت كافية لأن تفقد إسرائيل عنصر المفاجأة في الوقت الحقيقي للهجوم ظهر السادس من أكتوبر”.
كما أن قيمة مروان تكمن في كونه “جسرًا للتضليل المنهجي” ضمن خطة أشمل تضمنت إجراءات سياسية ودبلوماسية، مثل إعلان سفر الرئيس السادات المفاجئ، أو تحريك القوات في تدريبات ظاهرها روتيني وباطنها استعداد للحرب.
ويضيف سالم : “إسرائيل كانت واثقة من مروان لدرجة أنها اعتبرت تحذيراته إنذارًا مبكرًا، وهو ما جعل المفاجأة أكبر حينما جاء الهجوم في غير توقيته المتوقع”.
ونلاحظ أيضاً بأن قضية مروان تكشف براعة المخابرات المصرية في توظيف شخصيات ذات ثقل سياسي واجتماعي لصناعة خداع محكم، وأن الجدل حول كونه جاسوسًا مزدوجًا أو بطلاً وطنيًا لا ينفي حقيقة أن دوره ساهم في تحقيق النصر.
هكذا، يتضح أن خطة الخداع لم تكن مجرد مناورة عابرة، بل عملية متكاملة شارك فيها الدبلوماسيون، العسكريون، والاستخبارات. وكان أشرف مروان أحد أهم أدواتها، مما جعله رمزًا للمعركة الخفية التي سبقت الضربة الجوية وأمّنت عبور الجنود المصريين لقناة السويس.
هاي