غزة في قلب الصفقة.. حماس تبحث تعديلات على ورقة ترامب الشائكة

في خضم التعقيدات السياسية والميدانية التي تحيط بالقضية الفلسطينية، تتواصل النقاشات داخل الأوساط الفلسطينية حول خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام، خاصة ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة وموقف حركة "حماس" منها.
الخطة التي أثارت جدلاً واسعاً، وضعت الحركة أمام خيارات وُصفت بالصعبة والمعقدة، في ظل ضغوط إسرائيلية ميدانية ووساطات إقليمية ودولية. ويرى الدكتور حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في غزة، أن حماس "عالقة بين خيارين كلاهما صعب؛ فالقبول بالورقة ليس سهلاً، ورفضها أيضاً ليس سهلاً، بينما الشعب يُباد يومياً".
وأوضح الدجني أن جوهر النقاش يكمن في بند نزع السلاح، الذي كان ولا يزال العقبة الأكبر أمام أي اتفاق لوقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الخطة تحتوي على تناقضات بارزة، خاصة في مادتها التاسعة المتعلقة بالسيادة والتسليح. وأضاف: "السلاح يمكن نقاشه فقط إذا تحققت الدولة الفلسطينية، كما قال قادة في حماس سابقاً، لكن النصوص الحالية تجمع بين إعلان نيويورك وصفقة القرن بشكل مربك يحتاج إلى تفسير".
كما اعتبر أن الخطة "أكبر من حماس وحدها"، وأنها تتطلب مشاركة منظمة التحرير وباقي الأطر الوطنية، مع دعم عربي مشترك، لافتاً إلى أن البعد الاقتصادي للورقة – الذي يعد بغزة مزدهرة وربما بمطار وميناء – قد يحول القطاع إلى "سويسرا صغيرة"، معزولة اقتصادياً، بينما تُترك الضفة الغربية لإسرائيل.
من جانبه، قدّم غبريال صوما، عضو الحزب الجمهوري والعضو السابق في الفريق الاستشاري لترامب، رؤية مغايرة، مؤكداً أن الخطة الأميركية "تشترط على حماس أولاً إطلاق سراح جميع الرهائن، ثم نزع سلاحها بالكامل وتسليم السلطة إلى حكومة تكنوقراط بإشراف ترامب وبمساعدة توني بلير". وأضاف أن الخطة تنص على بقاء وجود عسكري إسرائيلي مفتوح داخل غزة، مع مشاركة قوة عربية وإسلامية لضمان تنفيذ البنود، محذراً من أن رفض حماس لهذه الشروط "سينهي مبرر وجودها السياسي والعسكري".
صوما شدد كذلك على أن الخطة لا تتحدث عن دولة فلسطينية، بل تركز على الأمن ونزع السلاح، في انسجام مع موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرافض لفكرة الدولة الفلسطينية.
لكن الدجني رد قائلاً: "المقاومة ليست بنداً يمكن إلغاؤه بالقوة، بل هي نتاج وجود الاحتلال"، معتبراً أن الورقة صيغت "بأجندة إسرائيلية" تحقق مصالح تل أبيب الأمنية والسياسية، وتُبقي غزة في حالة كانتون مغلق.
وفي ختام المشهد، يرى محللون أن أي تسوية حقيقية لا يمكن أن تنجح من دون الاعتراف بالحقوق الفلسطينية استناداً إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، بينما تبقى غزة أسيرة معادلة معقدة: ضغوط إسرائيلية ميدانية، وشروط أميركية صارمة، وحسابات داخلية صعبة لحماس، في انتظار ما ستؤول إليه الجهود الإقليمية والدولية.