النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

أسطول الصمود.. من رحلة إنسانية إلى مواجهة دولية مع إسرائيل

أسطول الصمود
هالة عبد الهادي -

انطلقت سفن "أسطول الصمود العالمي" نحو غزة بهدف كسر الحصار البحري وإيصال مساعدات إنسانية عاجلة، لكن الرحلة تحولت سريعًا إلى أزمة دولية بعد أن أعلنت قيادة الأسطول أن سفنها تعرضت لاعتراض غير قانوني من البحرية الإسرائيلية، التي عطّلت الكاميرات وصعدت بقوات عسكرية إلى متن بعض القوارب.

في الساعات الأولى، اعترضت إسرائيل السفينة "سيروس" واعتقلت المشاركين على متنها، بينهم مراسلة الجزيرة مباشر حياة اليماني، بينما انقطع الاتصال بمراسلي الجزيرة لطفي حجي ويونس آيت ياسين.

وتوسعت العملية الإسرائيلية لاحقًا لتشمل اعتراض ثلاث سفن رئيسية: "ألما"، "سيروس" وسفينة ثالثة، مع الإبلاغ عن فقدان الاتصال بعدد من النشطاء والصحفيين.

مصادر إسرائيلية أكدت أن السيطرة على الأسطول ستتواصل حتى الخميس، بينما أعلنت القناة 13 أن البحرية سيطرت حتى الآن على ست سفن من أصل 44، وأمرت البقية بالتوجه إلى ميناء أسدود.

بحسب الأسطول، تم اعتراض 13 قاربًا حتى اللحظة، واعتقال عشرات النشطاء، بينهم 25 ناشطًا تركيًا و23 ماليزيًا، إضافة إلى الناشطة السويدية غريتا تونبرغ التي ظهرت في مقطع مصور محاطة بجنود إسرائيليين.

ردود الفعل الفلسطينية: إدانة واعتبار الاعتراض قرصنة

الفصائل الفلسطينية سارعت لإدانة الهجوم، إذ وصفت حركة الجهاد الإسلامي ما جرى بأنه "قرصنة بحرية وخرق للمواثيق الدولية"، بينما اعتبرت حركة حماس أن "الاعتراض سيزيد غضب الشعوب" وأنه "إرهاب منظم ضد المدنيين".

كما بُثت رسائل تضامن عبر منصات التواصل من غزة لدعم المتضامنين، بينما شدد متحدثو الأسطول مثل خالدية أبو بكرة وسيف أبو كشك على أن "الرحلة ستستمر حتى كسر الحصار بالكامل".

ردود الفعل الدولية: إدانات واسعة وضغوط دبلوماسية

الهجوم الإسرائيلي على "أسطول الصمود العالمي" فجّر موجة واسعة من الاستنكار الدولي، حيث توالت المواقف المنددة من عواصم مختلفة. فقد دعت فرنسا إسرائيل إلى ضمان سلامة المشاركين وتأمين الحماية القنصلية لمواطنيها، بينما شددت بلجيكا على ضرورة احترام القانون الدولي وحماية النشطاء. من جانبها، وصفت تركيا الهجوم بأنه "عمل إرهابي"، في حين ذهبت إسبانيا إلى استدعاء القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية لمساءلتها عن الحادث. أما إيرلندا فقد اعتبرت الاعتراض "مثيرًا للقلق"، فيما أعربت بريطانيا عن قلقها إزاء مصير مواطنيها المشاركين. وفي أمريكا اللاتينية، أدانت البرازيل الهجوم، مؤكدة وجود نائبة برلمانية بين المعتقلين، بينما وصف رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف العملية بأنها "هجوم خسيس" مطالبًا بالإفراج الفوري عن النشطاء. كذلك أعلنت ماليزيا احتجاز 23 من مواطنيها على متن السفن، وأكدت تواصلها مع أطراف إقليمية ودولية للتدخل. ولم تقتصر الإدانات على الخارج، إذ دخلت منظمات إسرائيلية على خط الانتقاد، حيث وصف مركز عدالة الحقوقي ما جرى بأنه "اختطاف مدنيين سلميين وانتهاك صارخ للقانون الدولي".

الغضب الشعبي: مظاهرات وإضرابات في عواصم العالم

الشارع العالمي تحرك سريعًا ضد الهجوم الإسرائيلي، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في روما، برلين، برشلونة، بروكسل، إسطنبول، باريس، أثينا وتونس، إضافة إلى احتجاجات أمام السفارة الأميركية في نواكشوط.

في ألمانيا، أغلق متظاهرون محطة القطارات المركزية في برلين، بينما أعلن اتحاد العمال الإيطالي إضرابًا عامًا تضامنًا مع ركاب الأسطول.

كما رفع النشطاء شعارات تندد بما وصفوه بـ"حرب الإبادة ضد غزة"، متهمين حكومات أوروبية بالتواطؤ مع إسرائيل.

التطور الأبرز: كسر الحصار فعليًا

رغم محاولات إسرائيل المكثفة لاعتراض القوارب، أكدت وكالة الأناضول أن سفينة "ميكينو" التركية نجحت في دخول المياه الإقليمية لقطاع غزة، لتصبح أول سفينة تكسر الحصار البحري، وهو ما اعتبره المشاركون "نصرًا معنويًا وتاريخيًا".

حصار دبلوماسي على إسرائيل

حتى الآن، سيطرت إسرائيل على أكثر من 40 سفينة ونقلت مئات المشاركين إلى ميناء أسدود، وسط إجراءات لترحيلهم قسريًا أو طوعًا، فيما بقيت بعض السفن مثل "شيرين أبو عاقلة" تواصل الإبحار على بعد 40 ميلًا بحريًا من غزة.

لكن على المستوى السياسي، وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة إدانات دولية متصاعدة، وضغوط دبلوماسية وشعبية غير مسبوقة، مما يجعل "أزمة أسطول الصمود" حدثًا مفصليًا يعيد إلى الواجهة مشروعية الحصار المفروض على غزة منذ سنوات.