النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

كيف أصبح الموقف الروسي والصيني والهندي من الجانب الإيراني بعد العقوبات؟

إيران
كريم عزيز -

قدمت صحيفة وطن امروز الأصولية مشهد إحياء عقوبات مجلس الأمن كأنه بداية اصطفاف دولي جديد، ونشرت مقالة تحليلية بعنوان «کنار ایران» أي «بجانب إيران»، كتبت بقلم الخبير القضائي وعضو مركز الخبراء الرسميين للسلطة القضائية الإيرانية محمد أمين هدايتي، بحسب ترجمة الدكتورة شيماء المرسي، خبيرة في الشأن الإيراني.

وفق المقالة، تدعي الولايات المتحدة وأوروبا أن آلية الزناد، قد فُعلت، وأن عقوبات مجلس الأمن ضد إيران قد عادت إلى حيز التنفيذ فجر الأحد 28 سبتمبر الساعة 4:30 بتوقيت طهران، غير أن إيران ترى أن تفعيل هذه الآلية مخالف لبنود الاتفاق النووي والقوانين الدولية، ومن ثم تعتبرها غير قانونية وغير مقبولة.

وتبرز المقالة الموقف الروسي الصيني بوصفه رافعة قوية لإيران، إذ أعلنت موسكو وبكين رفضهما الاعتراف بالعقوبات. في حين أوضح نائب السفير الروسي في الأمم المتحدة أن موسكو ستعد القرار 2231 منتهي الصلاحية بحلول 18 أكتوبر، محذرا الأمانة العامة من التحضير لتنفيذه، وفق ترجمة «المرسي».

وتعتبر الصحيفة أن أهمية الموقف الروسي الصيني تكمن في امتناع روسيا والصين عن المشاركة في اجراءات مراقبة التزام الدول بتنفيذ العقوبات الأممية، وهو ما سيضعف قدرة أمريكا وبريطانيا وفرنسا على فرض رقابة صارمة. وعليه يتوقع أن لا تلقى العقوبات إجماعا دوليا كما تتمنى واشنطن والعواصم الأوروبية.

ويؤكد التيار المحافظ والقضائي ما ذهبوا إليه، بالمقابلة المتلفزة لوزير الخارجية الإيرانية عباس عراقتشي، والذي صرح، أن إيران بدأت، بالتعاون مع الصين وروسيا، حملة قانونية ضد هذا الإجراء في المحافل القضائية الدولية. وهذا يظهر وجود انقسام حقيقي بين القوى الكبرى في مجلس الأمن بشأن العقوبات على إيران، حتى يمكن القول إن العالم بات منقسما إلى معسكرين في هذا الملف.

ةفي السياق ذاته، تُبرز المقالة الموقف الهندي باعتباره عنصر دعم إضافي لإيران، بعد أن طالبت نيودلهي واشنطن بإعفاءات لشراء النفط الإيراني، ما يعكس نزعة متزايدة للاستقلالية عن السياسة الأمريكية.

وفي السياق الأوسع، تضع الصحيفة كل هذه التطورات في إطار التحولات العالمية نحو نظام دولي متعدد الأقطاب، وتعتبر أن تحدي الصين وروسيا لآلية الزناد هو جزء من استراتيجية أوسع لتقويض الهيمنة الغربية، وهو ما ظهر في تصريحات الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة شنغهاي عن بناء نظام عالمي عادل.

وبهذا يصبح موقف الصين وروسيا من آلية الزناد جزءا من استراتيجية أشمل لتقويض النظام الغربي القائم، وإبراز بديل يقوم على التعددية والتحالفات الإقليمية.

وذكرت أنه رغم ما يقدمه التوجه المحافظ حول الاصطفاف الروسي والصيني إلى جانب إيران، إلا أنه يتجاهل أن مواقفهما لا يصدر عن التزام أيديولوجي تجاه طهران، بل عن حسابات براغماتية دقيقة تخدم مصالحهما الاستراتيجية، موضحة أن روسيا والصين رفضتا الاعتراف بالعقوبات، لكنهما في الوقت نفسه حذرتا طهران من خطواتها التصعيدية والتي فجرت الاتفاق النووي في النهاية.

أما الهند، التي أشار إليها المقال كحليف، فتتحرك بدافع اقتصادي بحت، وتسعى في الوقت ذاته إلى الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن وأوروبا، ما يجعلها أقرب إلى سياسة التوازن لا الانحياز، بينما الرهان على نظام متعدد الأقطاب في المستقبل القريب، فيعكس قدرا من المبالغة، إذ لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بقدرات مالية وعسكرية وسياسية ضخمة تجعلها لاعبا مهيمنا.

وعلّقت الدكتورة شيماء المرسي، على المقالة، قائلة: «يسعى التيار الأصولي إلى تصوير ملف عودة عقوبات مجلس الأمن كمعركة كبرى بين الشرق والغرب، لكنه يتجاهل أن مواقف روسيا والصين والهند ليست اصطفافا مبدئيا إلى جانب طهران، بل أوراق تفاوضية في لعبة التوازنات الدولية. وهو ما يضع إيران في موقع عامل مساعد ضمن صراع القوى الكبرى، أكثر من كونها مركز اصطفاف عالمي ضد الغرب».