النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

الاهتمام الأوروبي بالقضية الفلسطينية.. ورقة مناكفة لترامب لا تحول استراتيجي

ترامب يتجاهل تصعيد أوروبا ضد إسرائيل ويرفض دعم الاعتراف بفلسطين
أحمد مرعي -

في خضم التحولات المتسارعة على الساحة الدولية، برز في الأشهر الأخيرة اهتمام أوروبي لافت بالقضية الفلسطينية، وصل حد إعلان بعض الدول الأوروبية نيتها الاعتراف بدولة فلسطين.غير أن هذا الاهتمام، بحسب محللين، لا يعكس تحولًا جذريًا في الموقف الأوروبي، بل يرتبط أكثر بالصراع السياسي القائم مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونهجه في السياسة الخارجية.

تقول الدكتورة سهير تمراز المتخصصة في الإعلام الدولي ، إن المواقف الأوروبية الأخيرة يجب قراءتها في إطار "المناكفة السياسية" مع إدارة ترامب. فالأوروبيون، الذين يشعرون بقلق متزايد من تقارب ترامب مع موسكو في بعض الأحيان، وجدوا في الملف الفلسطيني فرصة لإظهار استقلالية قرارهم، وإرسال رسالة إلى واشنطن مفادها أن أوروبا قادرة على انتهاج سياسات مغايرة.

وتضيف الدكتورة تمراز ، أن هذه التحركات ليست سوى "أداة ضغط تكتيكية" وليست استراتيجية ثابتة. فالأوروبيون تاريخيًا ظلوا ملتزمين بالتنسيق مع الموقف الأميركي حيال الشرق الأوسط، ومعظم خطواتهم في الملف الفلسطيني لم تتجاوز الطابع الرمزي، دون أن تنعكس على الأرض بإجراءات عملية تضغط على إسرائيل أو تدعم الفلسطينيين بصورة ملموسة.

وبحسب التحليل، فإن أي انعطافة في علاقة ترامب بروسيا ستنعكس مباشرة على السياسة الأوروبية تجاه فلسطين. فإذا قرر ترامب التشدد مع موسكو والتراجع عن خطاب "التقارب" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن الأوروبيين سيعودون سريعًا إلى موقعهم التقليدي: أي العمل تحت المظلة الأميركية. وهذا يعني أن الاهتمام الحالي بالقضية الفلسطينية قد يكون قصير الأمد، مرتبطًا بالمعركة السياسية بين أوروبا وترامب أكثر مما هو مرتبط بالحقوق الفلسطينية.

أما مسألة الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية، فترى أنها ستظل "مشروطة" ومقيدة بميزان القوى الدولي. فهي خطوات رمزية يراد بها تسجيل موقف سياسي، أكثر من كونها اعترافات حقيقية تؤسس لدولة فلسطينية مستقلة. فهذه الاعترافات قابلة للتجميد أو التراجع بمجرد تبدل الظروف الدولية أو تغير حسابات أوروبا تجاه واشنطن.

في المحصلة، يمكن القول إن الاهتمام الأوروبي الراهن بالقضية الفلسطينية يعكس ديناميكيات الصراع بين العواصم الأوروبية وترامب، أكثر مما يعكس تحولًا استراتيجيًا في رؤية أوروبا للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ما يعني أن الفلسطينيين لا يمكنهم التعويل كثيرًا على هذه المواقف، بقدر ما عليهم إدراك أنها جزء من لعبة التوازنات الدولية وليست التزامًا طويل الأمد.