النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

لماذا زادت فرضية التصعيد العسكري ضد إيران مع إحياء عقوبات مجلس الأمن؟

الرئيس الإيراني
كريم عزيز -

أجابت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، على التساؤل «لماذا زادت فرضية التصعيد العسكري ضد إيران مع إحياء عقوبات مجلس الأمن؟»، موضحة أن إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران ليست مجرد خطوة تقنية قانونية، بل هي رسالة سياسية قوية مفادها أن المجتمع الدولي، وخصوصا أوروبا، بات يرى إيران قد خرجت عن حدود المماطلة المقبولة والسياسة المزدوجة ودخلت محور «بكين وموسكو» والذي يتحدى الغرب جميعا. هذا التحول الجذري في التصور السياسي يحول النقاش من إدارة أزمة إلى مواجهة أزمة.

وفق تحليل «المرسي» تمر العلاقات الإيرانية الأوروبية بأكثر مراحلها توترا منذ عقدين، والسبب أن نظرة أوروبا لإيران تغيرت من طرف مزعج يمكن التفاوض معه إلى خصم استراتيجي يهدد النظام الدولي، علاوة على أن التوترات تغذيها ملفات متشابكة، وهي «البرنامج النووي، الدور الإقليمي، ودعم روسيا عسكريا في حرب أوكرانيا والأهم أن دعم إيران لموسكو بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال حربها مع أوكرانيا قد قلب المزاج الأوروبي تجاه إيران».

وقالت الدكتورة شيماء المرسي: «للحق كان دور العامل الإسرائيلي واللوبيات اليهودية، تأثيرا قويا على القرار السياسي والإعلامي الأوروبي بعد عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023. وهذا أدى إلى ربط صورة إيران بتهديد مباشر لإسرائيل، وبالتالي إدخال البعد القيمي في حسابات السياسة الخارجية الأوروبية، بدل الاكتفاء بالمصالح البراغماتية».

يأتي إلى ذلك أن اتهام رئيس وزراء أستراليا الحرس الثوري باستخدام شبكات إجرامية لتنفيذ عمليات معادية للسامية في سيدني، هو ما أفضى إلى طرد السفير الإيراني في كانبيرا، وخلق سابقة دفعت حلفاء أستراليا في الغرب إلى مناقشة إدراج الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، وفق «المرسي»، مؤكدة أن هذه الخطوة، إن تمت، ستغلق المسار الدبلوماسي نهائيا وتفتح الباب أكثر أمام الخيار الأمني والعسكري.

هناك أيضا عامل حيوي، كشفت عنه الخبيرة في الشأن الإيراني، تمثل في احتجاجات مهسا أميني 2022، والتي تحولت إلى ملف حقوقي تستخدمه المعارضة الإيرانية ومنظمات المجتمع المدني كأداة ضغط على أوروبا، مؤكدة أن النتيجة مفاداها تحول سياسات أوروبا تدريجيا من براغماتية «توازن بين القيم والمصالح» إلى أيديولوجية «وضع القيم أولا» وهو ما جعل إيران تصور كعدو للقيم الأوروبية.

وقالت الدكتورة شيماء المرسي، إن كل هذه التطورات تدل على أن إيران لم تعد مجرد ملف نووي أو مصدر توتر إقليمي، بل باتت تعتبر تهديدا للنظام الدولي والمعايير التي تتمسك بها أوروبا. لذا، لا تقرأ عودة العقوبات كوسيلة للضغط على طاولة المفاوضات، بل كخطوة تمهيدية لتبرير خيارات أشد قسوة، من عزل دبلوماسي شامل وصولا إلى سيناريوهات عسكرية، وفي المقابل إيران ترى أن المجتمع الدولي خان التزاماته بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي 2018، لذا لم تجد حافزا للتهدئة، فتمادت في تطوير ملفها النووي والصاروخي وصفقات السلاح مع روسيا والصين.

واختتمت تحليلها: «هذا الانهيار الكامل في الثقة جعل الدبلوماسية نفسها تبدو غير قابلة للحياة، الأمر الذي يجعل فرضية التصعيد العسكري، البديل الأكثر ترجيحا في حال فشل العقوبات والضغوطات الأوروبية في تحقيق أهدافها. لأن العقوبات لم تعد مجرد ورقة ضغط اقتصادية، بل تحولت لخطوة استراتيجية تمنح شرعية الانتقال من أدوات التهدئة إلى خيارات القوة الصلبة».