حافة الهاوية النووية.. ماذا يحدث في الداخل الإيراني؟

وجه أكثر من 70 نائبًا في مجلس الشورى الإسلامي رسالة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي ورؤساء السلطات الثلاث، طالبوا فيها بإعادة النظر في العقيدة الدفاعية فيما يخص السلاح النووي، الأسبوع الماضي، ووفقًا للتقارير الصحفية، هذه الرسالة هي ذاتها رسالة العام الماضي التي نُشر نصها الآن بوضوح، لكن زاد عدد الموقعين عليها من 39 إلى 70، وتم الكشف عن أسمائهم.
جاء في مستهل الرسالة: صدر فتوى قائد الثورة الإسلامية الأعلى بشأن حظر إنتاج السلاح النووي في وقت كان فيه الغرب قادرًا على التحكم بشكل محدود في الكيان الصهيوني، لكن اختلاف الظروف في فقه الإمامية قد يؤدي إلى تغيير الحكم. نطلب إعادة النظر في العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية، لأن مسألة تصنيع وامتلاك السلاح النووي تختلف عن مسألة استخدامه.
وبحسب تقرير صحيفة جماران، أكد أكثر من 70 نائبًا في الرسالة على ضرورة إعادة النظر في العقيدة الدفاعية لإيران، مشيرين إلى أن استخدام السلاح النووي يُعد خرقا لحرمة فتوى قائد الثورة الإسلامية الصادرة عام 2009، لكن مسألة التصنيع والاحتفاظ به لأغراض الردع تعتبر موضوعًا مختلفًا.
ومساء أمس، 26 سبتمبر الجاري، اجتمع المجلس الأعلى للأمن القومي، وقدم إلى الزعيم الإيراني علي خامنئي طلب فتوى بشأن البرنامج النووي الإيراني، خاصة وأنه ورد في الدستور أنه مخصص للاستخدام في الأغراض السلمية وليس العسكرية.
وجاء رد الزعيم الإيراني بعد الاجتماع، وحسب ما نشر على صفحته بموقع إكس: الطرف المقابل يخلف وعوده في كل شيء، ويكذب في كل أمر، ويطلق التهديدات العسكرية في أي وقت، وإذا ما سنحت له الفرصة سيغتال أشخاصا منا مثل الشهيد سليماني أو يقصف مراكزنا النووية. لا يمكن التفاوض مع هذا الطرف، ولا يمكن الجلوس معه بثقة واطمئنان.
وقبل أيام، صرح في مقابلة متلفزة بأن التفاوض مع الولايات المتحدة هو طريق مسدود ولا يحقق نفعا لإيران، مستبعدا العودة إلى حوار يفرض التنازل عن قدرات البلاد النووية. وأكد أن إيران لا تسعى إلى سلاح نووي، لكنها ستستمر في تخصيب اليورانيوم لأنه حق تقني وسيادي، وأن الحفاظ على هذه القدرة يساهم عمليًا في خلق عامل ردع يُصعب فرض الشروط والتهديدات عليها.
وتفسر الغرف الإيرانية المغلقة تصريحات المرشد على أنه يمكن استعمال البرنامج النووي للأغراض العسكرية في حال تربص عدو لديه القدرة النووية، باعتباره حقًا للدفاع عن النفس، بحسب الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني.
ويربط دستور الجمهورية الإسلامية (المادتان 4 و110 تحديدًا) القوانين والأوامر بمبدأ ولاية الفقيه. وفي نصوصه، يُذكر البرنامج النووي دائمًا باعتباره لأغراض سلمية، لكن أي خروج صريح عن هذا الدستور يعني الاعتراف بأن الضرورة قد تبرر الاستثناء، حسبما أكدته «المرسي» في تحليل لها.
وذكرت أنه في المذهب الشيعي الإثني عشري، فتوى الولي الفقيه ملزمة، وتُعتبر أعلى من أي نص آخر عمليا، لأنها تقدم باعتبارها تقدير مصلحة الأمة الإسلامية. وهذا ما يجعل الفتوى قابلة للتعليق أو حتى نقض نص دستوري إذا اعتبر أن البلاد أمام خطر وجودي.
وفسرت ذلك أن الزعيم الإيراني يتبنى رسميا أن السلاح النووي أحد آليات الردع بالقوة وفقا لتصريحاته، ويجيز استعماله في حالة الخطر، وهو ما يقربنا من سياسة حافة الهاوية النووية، لأنها الورقة الأبرز في لعبة الرهان بالنار.