هل تتجه أمريكا لحرب أهلية في عهد ترامب؟

منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، دخلت الولايات المتحدة أجواء توتر غير مسبوقة بسبب سياساته الصدامية وخطابه الحاد، ما فجّر خلافات مع حكام الولايات وأعاد التساؤلات حول مستقبل الاتحاد واحتمال عودة الحرب الأهلية.
هذا التوتر تجسد في صدام مع ولايات كبرى، أبرزها كاليفورنيا، خامس أكبر اقتصاد في العالم، حيث يقود الحاكم غافن نيوسوم مواجهة مع سياسات ترامب بشأن الهجرة والبيئة والضرائب وحقوق الأقليات، لتتحول الولاية إلى ساحة صراع بين مشروع قومي محافظ ورؤية ليبرالية تقوم على التنوع والانفتاح. وفي نيويورك يرفض الحاكم محاولات البيت الأبيض تقليص الدعم الفيدرالي، كما تعلن ولايات مثل واشنطن وإلينوي رفضها الصريح، بينما تنحاز تكساس وفلوريدا وولايات الجنوب والغرب الأوسط إلى ترامب، ليظهر انقسام جغرافي-سياسي بين "ولايات ترامب" و"ولايات المعارضة" يثير القلق من أن تتطور الأزمة إلى ما هو أبعد من مجرد خلافات سياسية.
وفي خضم ذلك، يرفع ترامب شعار "استعادة أمريكا" عبر سياسات يعتبرها خصومه تسلطية، كتشديد الهجرة وتوسيع سلطات الأمن والسيطرة على الإعلام، معتبرًا معارضة الولايات "خيانة وطنية"، فيما يرى الحكام أنها تهدد جوهر الاتحاد الفيدرالي. وزاد المشهد تعقيدًا بإعلانه إنشاء "وزارة الحرب" وهو كيان لمواجهة أعداءه داخليًا وخارجيًا، في إشارة إلى اعتباره المعارضة الداخلية تهديدًا يوازي الخصوم الخارجيين وهو ما أثار انتقادات في الكونغرس والإعلام.
ومع هذه التطورات، تصاعدت المخاوف من اندلاع "حرب أهلية" في شكل اضطرابات وعصيان مدني وميليشيات مسلحة، خصوصًا مع تنامي الجماعات في الجنوب والغرب الأوسط وتصاعد خطاب الكراهية. وتؤكد تقارير أمنية أن مستوى التهديد الداخلي هو الأعلى منذ الحرب الأهلية الأولى.
الأزمة تحمل انعكاسات واسعة؛ داخليًا تهدد الاقتصاد بعدم الاستقرار وتراجع ثقة المستثمرين وازدياد الهجرة الداخلية، وخارجيًا تنذر بضعف صورة واشنطن كقائد عالمي وفتح المجال أمام الصين وروسيا لتعزيز نفوذهما. وهكذا تقف الولايات المتحدة أمام معضلة وجودية: الحفاظ على التوازن التاريخي بين الحكومة الفيدرالية وحقوق الولايات، أو الانزلاق نحو "حرب أهلية ثانية" قد تغيّر وجه أمريكا والعالم.