النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

كيف عملت إسرائيل على «دس السم في العسل» من خلال اتفاق أمني مع سوريا؟

نتنياهو
كريم عزيز -

كشفت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، تداعيات الاتفاق الأمني الإسرائيلي مع سوريا على العمق الجيواستراتيجي الإيراني، موضحة أنه قبل عدة أسابيع، ومع تصاعد الضغوط الأوروبية والأمريكية وتفعيل الترويكا الأوروبية آلية سناب باك لإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران، قدمت إسرائيل لسوريا مقترحًا مفصلًا لاتفاق أمني جديد، يشمل خريطة تمتد من جنوب غربي دمشق حتى الحدود مع إسرائيل.

في المقابل أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود فجوات كبيرة بين مواقف سوريا وإسرائيل تجاه الاتفاق، لم يتم تجاوزها رغم جهود الوساطة الأمريكية واجتماعات وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، وفق تحليل «المرسي».

تحت عنوان «إعادة هندسة اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل»، قالت الدكتورة شيماء المرسي، إن المقترح الإسرائيلي يستند إلى اتفاقية السلام التي أبرمتها إسرائيل مع مصر عام 1979، بهدف استبدال اتفاق «فك الاشتباك» الذي تم توقيعه بوساطة أمريكية عام 1974 بين سوريا وإسرائيل، بحجة أنه لم يعد صالحًا بعد انهيار نظام الأسد وفرض إسرائيل سيطرتها على أجزاء من المنطقة العازلة في الجانب السوري.

يقوم المقترح بحسب «المرسي» على إعادة تنظيم المنطقة الحدودية إلى ثلاثة نطاقات بدرجات مختلفة من التسليح والوجود السوري، على غرار الترتيبات الأمنية في سيناء بعد كامب ديفيد، وهي: مناطق منزوعة السلاح قرب الحدود، وأخرى خفيفة التسلح، وثالثة بوجود سوري محدود.

والواضح أن هذا التقسيم يفرض معايير مختلفة لقوة ونوع القوات داخل كل نطاق، في المقابل يُتيح لإسرائيل حدودًا مرنة لتقييد الوجود العسكري السوري أحادي الجانب، مثل حظر الدبابات والأنظمة الجوية بالقرب من حدودها، بالإضافة إلى منع الطيران السوري فوق الشريط الممتد بين دمشق والحدود، أو تبني آليات رقابة جوية تسمح لإسرائيل بممرات جوية أو القدرة على توجيه ضربات في حالات محددة. كل ذلك سيُسهل استهداف خطوط الإمداد الإيراني ويُعيد توازن الردع الجوي، وفق ما أكدته الدكتورة شيماء المرسي.

وبالرجوع إلى اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، فقد كان هدفها تثبيت خطوط وقف إطلاق النار على جبهة الجولان، كما أكدت الدكتورة شيماء المرسي، وإقامة منطقة عازلة تحت إشراف قوات الأمم المتحدة، مع تقليل احتمالات اندلاع مواجهة مباشرة بين الجيشين السوري والإسرائيلي، إلا أن المقترح الإسرائيلي الحالي يسعى إلى توسيع وتطوير آليات «فك الاشتباك» وإعادة هندسة الخريطة الأمنية لسوريا، لتتجاوز الحد الفاصل في الجولان وتشمل مناطق أقرب إلى العاصمة دمشق.

أما الاختلاف الجوهري بين الاتفاقين هو أن اتفاق 1974 كان محدود النطاق ومحصورًا بالجولان، بينما المقترح الحالي، إذا تم تنفيذه، سيكون سقفًا أمنيًا جديدًا يمنح إسرائيل اليد العليا جنوب دمشق، ويتيح لها الاقتراب أكثر من طرق الإمداد الإيرانية، مع تقليص قدرة دمشق على التحكم العسكري المباشر في الجنوب، وفتح نافذة لاستبدال بالدفاع العسكري الشرطة المحلية القابلة للتأثير الخارجي، وقالت الدكتورة شيماء المرسي: «يبدو أن إسرائيل تستهدف صراحةً منع ترسخ النفوذ الإيراني في الجنوب السوري وقطع طرق الإمداد إلى حزب الله، سواء عبر حظر تجهيزات معينة أو رقابة استخباراتية جوية وبرية».