مطالبات لفنانة أمريكية بإلغاء معرضها في تل أبيب.. وسط اتهامات بتبييض الإبادة في غزة

وجّه أكثر من 50 فنانًا وشخصية ثقافية – بينهم عدد كبير من المقيمين في إسرائيل – رسالة مفتوحة إلى الفنانة الأمريكية جودي شيكاغو وناشطة فرقة "بوسي رايوت" ناديا تولاكونيكوفا، طالبوها فيها بإلغاء معرضهما المشترك في متحف تل أبيب للفنون.
المعرض، الذي افتُتح الأسبوع الماضي تحت عنوان "ماذا لو حكمت النساء العالم؟"، يضم عملًا تشاركيًا يستعرض رؤى مختلفة لمستقبل تقوده النساء. غير أن الموقعين على الرسالة حذّروا من أن عرض العمل في إسرائيل، في ظل ما وصفته لجنة الأمم المتحدة مؤخرًا بـ"الإبادة الجماعية" في غزة، يُعدّ تواطؤًا مع الاحتلال ومحاولة لمنح "واجهة ليبرالية زائفة" لجرائم الحرب.
وجاء في نص الرسالة كما ذكرها موقع جريدة الفنون (theartnewspaper): "أنتم فنانات معروفات بالتزامكن بالعدالة الاجتماعية والنسوية. غير أن أفعال إسرائيل تناقض تمامًا الرؤية التي يروج لها فنكم. إن تعاون فنانين عالميين مع مؤسسة إسرائيلية يُظهر شعورًا زائفًا بالوضع الطبيعي، ويتجاهل تدمير غزة وسكانها وثقافتها."
وأشارت الرسالة إلى تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة (مايو 2025) الذي ذكر أن أكثر من 28 ألف امرأة وفتاة قُتلن في غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، متسائلةً عن معنى الحديث عن "النسوية" داخل مؤسسة فنية إسرائيلية بينما تُنتهك حقوق النساء يوميًا.
ناديا تولاكونيكوفا – التي سُجنت سابقًا في روسيا عام 2012 بسبب نشاطها الفني – نفت مشاركتها في المشروع الحالي، موضحة أنها ساهمت فقط في نسخة سابقة من المعرض. أما جودي شيكاغو، صاحبة العمل النسوي الشهير "حفلة العشاء"، فقد رفضت التعليق.
في المقابل، دافع متحف تل أبيب للفنون عن استضافة المعرض، مؤكّدًا أنه "ليس تعبيرًا عن موقف سياسي"، بل يهدف إلى فتح حوار حول مستقبل قائم على التعاون والتعاطف. وأوضح أن العمل أُنتج قبل ثلاث سنوات وعُرض في مؤسسات عديدة حول العالم، وأنه يُعرض في تل أبيب دون مشاركة مباشرة من الفنانتين.
مديرة المتحف تانيا كوين-أوزيلي قالت إن المؤسسة الفنية "تشعر بالرعب من المأساة في غزة"، لكنها رفضت فكرة المقاطعة الثقافية: "إلغاء المعارض لن يُوقف الحرب، بل سيُسكت الفنانين ويخدم من يسعون للهيمنة على الثقافة. نحن نستخدم منصتنا لندعو إلى إنهاء الحرب وتسليط الضوء على خسائرها."
وبينما يرى فنانون مثل الموسيقية ميخال سابير – إحدى الموقعات على الرسالة – أن المقاطعة واجب أخلاقي لمنع "تطبيع الجرائم"، يصرّ متحف تل أبيب على أن الاستمرار في العرض هو شكل من أشكال المقاومة الثقافية والحوار النقدي.
لتبقى القضية، كما يبدو، جزءًا من الجدل الأوسع حول دور الفن في زمن الحرب: هل يُقاطع المؤسسات المتهمة بالتواطؤ أم يُستغل كمنصة لطرح أسئلة مؤلمة وصعبة؟