ماذا طلبت حماس من دونالد ترامب ؟

في ظل تصاعد الحرب الدائرة في غزة ومحاولات الوساطة الدولية لوقف إطلاق النار، برزت جملة من المطالب التي وضعتها حركة (حماس) على طاولة التفاوض، ووجهتها بشكل غير مباشر إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر الوسطاء.
هذه المطالب، التي وصفتها الحركة بأنها شروط أساسية لأي اتفاق، تعكس عمق أزمة الثقة بين الأطراف، وتكشف عن إصرار حماس على ضمانات واضحة قبل الدخول في أي تسوية. وبحسب ما أوضحه المحلل السياسي الفلسطيني د. ماهر صافي، فإن المطالب المطروحة ترتبط بالأساس بوقف الحرب وضمان الحقوق الفلسطينية، مع رفض أي اتفاقات شكلية لا تجد طريقها إلى التنفيذ.
أول هذه المطالب هو الإعلان الصريح عن إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة. ترى حماس أن أي اتفاق لا يتضمن هذا الشرط سيكون بمثابة هدنة هشة سرعان ما تنهار، ولذلك تصر على ضمان التزام علني وواضح من إسرائيل، مدعوماً بغطاء أميركي رسمي.وتعتبر الحركة أن الانسحاب الكامل هو حجر الأساس لأي تفاهم يمكن البناء عليه مستقبلاً.
ثانيًا، تطالب الحركة بـ صفقة تبادل أسرى شاملة. ويشمل ذلك الإفراج عن آلاف المعتقلين الفلسطينيين، خصوصاً أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة. وتشدد حماس على أن ملف الأسرى ليس قضية ثانوية بل مطلب وطني وإنساني لا يمكن تجاوزه، إذ يمثل رمزًا لصمود الشعب الفلسطيني وكرامته.
أما المطلب الثالث فيتعلق بـ الحصول على ضمانات أميركية قوية وعلنية. فالحركة، كما يشير د. ماهر صافي، لا تثق في التعهدات الشفوية أو الوعود الإعلامية، بعدما خبرت محاولات سابقة لم تكتمل بسبب تراجع إسرائيل أو مماطلتها. لذلك تطالب بضمانات مكتوبة ومعلنة تجبر تل أبيب على الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، وتمنع أي التفاف على بنود التسوية.
كذلك شددت حماس على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري وإدخال المساعدات الإنسانية بلا قيود. وترى أن المعاناة المتصاعدة في غزة لا تحتمل المزيد من المماطلة، وأن فتح المعابر وإدخال الغذاء والدواء هو شرط إنساني وأخلاقي قبل أن يكون سياسياً.
إضافة إلى ذلك، تضع الحركة في حساباتها ضمانات بعدم تجدد العدوان. فبحسب صافي، تعتبر حماس أن أي اتفاق يفتقر إلى آلية تضمن عدم العودة إلى التصعيد العسكري لن يكون مقبولاً، لأن التجارب السابقة أظهرت أن إسرائيل قد تستغل الهدن المؤقتة لترتيب أوراقها ثم تعاود الهجوم. ولهذا السبب تسعى الحركة إلى تثبيت التزامات دولية وأميركية تردع الطرف الآخر عن خرق الاتفاق.
كما برزت بعض التسريبات عن طلب الحركة خروجًا آمنًا لعدد من قياداتها وعائلاتهم إذا اقتضت ترتيبات الاتفاق ذلك، على أن يتم الأمر بضمان أميركي يحول دون ملاحقتهم من قبل إسرائيل.
ويفسر د. ماهر صافي هذه المطالب باعتبارها انعكاسًا لانعدام الثقة، مشيراً إلى أن حماس لا تبحث فقط عن مكاسب سياسية أو عسكرية آنية، بل عن ضمانات تحمي الشعب الفلسطيني وتعيد الاعتبار لقضيته. ويرى أن الحركة تدرك أن إسرائيل تمارس أسلوب إطالة التفاوض وتغيير الشروط لكسب الوقت، لذلك تصر على ضامن قوي قادر على فرض الالتزامات، وهو ما يجعل الدور الأميركي محورياً رغم الشكوك المحيطة به.
في المحصلة، تكشف مطالب حماس من ترامب عن معادلة واضحة: وقف الحرب، الإفراج عن الأسرى، ضمانات أميركية ملزمة، ومساعدات إنسانية عاجلة. وهي شروط تراها الحركة ضرورية لتحويل أي اتفاق من مجرد تفاهم سياسي إلى التزام فعلي يحمي الفلسطينيين ويمنع تكرار المأساة.